رقية سليمان الهويريني
كنت أزعم أو أحلم أن كرة القدم هي الوحيدة التي تبقى بعيدة عن المجاملات والتدخلات أو قلب الحقائق! ربما لقناعتي بأن أنظمة هذه اللعبة الرياضية التنافسية تعد أكثر عدلاً من أنظمة بشرية كثيرة، إلا أنني بدلت مفاهيمي حين رأيت تداعيات أحداث مباراة كرة القدم بين الفرق الرياضية، مما يظهر بما لا يدع مجالا للشك أن ما يحدث قبل وأثناء وبعد المباراة يعكس صورة غير حضارية بين الجماهير وبين اللاعبين!
وسواء فاز ناد رياضي أو هُزم آخر فهما يمثلان متعة للجماهير. لولا أحداث الشغب والتجاوزات التي تحدثها الجماهير فتخيب الآمال في (اللمة) الشعبية المأمولة، مما يستدعي إعادة النظر في الشعارات التي تطلقها الأندية بين وقت وآخر. ويستوجب إعادة الحسابات، وتنظيف الصدور، وتوحيد الصفوف، ويستحثـنا لرفع معايير الأداء العلمي والأخلاقي لهذه الرياضة لتحقيق الطموح بالتمسك في قاعدة أن الوطن كتلة وطنية صامدة!
وفي الوقت الذي يتم فيه توظيف كرة القدم كأداة شعبية لتحقيق بعض الأهداف الاستراتيجية، وإقامة المنافسات الرياضية في مدرجات ملعب كرة القدم لتذويب الفوارق وتقريب المشاعر بهدف تحقيق المنافع الوطنية بما يصب في المصلحة العامة؛ نجدها استخدمت كأداة للتأليب ونشر الكراهية وإيغار الصدور بين الجماهير الرياضية.
ولكي لا تتحول كرة القدم إلى متنفس لتفريغ الإحباطات النفسية، فإنه يحسن بالعقلاء وقف الشحن الجماهيري والإعلامي، وتطويق هذه الأزمة العابرة قبل استفحالها. وهي أمنية أطلقها، ويشاركني جميع المواطنين؛ لإيماننا بأن المشاحنات والحماس الرياضي غير المنضبط بين الجماهير الرياضية يوقد التوتر.
وحين يتبادل الجماهير ورؤساء الأندية الهجوم في بعض الصحف والفضائيات وعدد من وسائل التواصل الاجتماعي، فإننا نكاد نعتقد بأن هناك من يسعى لتعميق الفرقة، وتوسيع دائرة الخلاف، وأن حالة الاحتقان الواقعة حاليا بين الأندية تظهر بأن هناك أزمة حقيقية تبرز عبر استخدام الرياضة كوسيلة للتعبير عن مشاعر سلبية فردية يستوجب تطهيرها.
وأن تتحول كرة القدم إلى استفزازات متواصلة تصل لحد القدح والجرح والسخرية، أو معارك مشتعلة؛ فإن ذلك يعد فتنة متوحشة من محبوبة الجماهير!