د.محمد بن عبدالرحمن البشر
انتهى الأمر الذي كانا فيه يستفتيان، الحزب الجمهوري بقيادة ترامب والحزب الديمقراطي بقيادة بايدن ومرشحته للرئاسة كامالا هارس، كان السباق محموماً بين رئيس سابق، ورئيس في سدة الحكم، وأظهرت استطلاعات الرأي فشله المتوقع، فسارع الحزب باستبداله بنائبته، وحدث ما يعرفه الجميع من تقلبات في استطلاعات الرأي وغيرها من الأحداث، وفي نهاية المطاف تمت الانتخابات وفاز الحزب الجمهوري والرئيس السابق والمستقبلي ترامب بفترة جديدة، فوزاً ساحقاً، وسيطر على مجلس الشيوخ والنواب، وأصبح سيد البيت الأبيض. أسباب قدرة ترامب في استرجاع السلطة سوف نتحدث عنها في مقال لاحق، لكن ما نحن بصدده هو تصرفات بايدن وقراراته التي أدت إلى هزيمة حزبه ومرشحته، وهذه تعود لأسباب اجتماعية واقتصادية وسياسية، فقد أجاز زواج المثليين، وأباح التحول الجنسي وسمح للمتحول المنافسة في الميدان الرياضي مع جنسه الجديد، مما خلق عدم التكافؤ، والمشكلة الكبيرة ليس التشريع وحسب مع فداحة خطئه فيه، ولكن أيضا التشجيع عليه، وملء حكومته بالمثليين، ومعاقبة من ينتقد أو يرى غير ذلك، مع كونه منافيا للفطرة الانسانية، وكذلك محاولة نشره عالمياً لجعله مقبولاً لدى شعوب الأرض، وقد سارعت بعض الدول لصد ذلك الغزو الأخلاقي بتشريعات داخلية مناسبة لها.
وفي المجال الاقتصادي لم يكن لديه وفريقه التعامل الجيد مع النوازل، فعند حدوث كورونا سارع إلى مطبعة البنك المركزي لإصدار السندات ومن ثم تشتريها وزارة ماليته، فارتفع الدين الأمريكي العام إلى نحو أربعه وثلاثين ترليون، وصرفت في غير محلها، وبعد نهايتها تسارع التضخم العالمي بسبب عرض النقود الهائل، واكتوت به شعوب الأرض بما فيهم الشعب الأمريكي، وبعد مدة سارع إلى رفع الفائدة لكبح جماحه، فتضرر به رجال الأعمال وحملة الأسهم والدول النامية وغير النامية والمعتمدة على الإقتراض لسد عجز ميزانيتها المتزايد بسبب ارتفاع اسعار السلع والإقراض، وان كان لدى الولايات المتحدة مطبعة فإن دول العالم يفتقرون إليها، وأخذت بعض الدول تبحث عن سبيل يخرجها من الإعتماد على الدولار في معاملاتهم التجارية والادخارية، وتقييم عملاتهم، وهذا بلا شك سيضر الولايات المتحدة الأمريكية على المدى البعيد.
المجال السياسي كانت أخطاؤه الجسيمة كثيرة، فقد أخذ مواقف غير مقبولة مع دول صديقة وشريكة، لها باع تاريخي جيد مع الولايات المتحدة الامريكية، سواء في الشرق الأوسط او غيره، ظن أنه قادر على مسح إرث طويل ومتين من العلاقات بمواقف ليست في صالح الطرفين، وكان الخطأ الجلي هو موقفه مما يحدث في غزة وغلبت أيدلوجيته على السياسة النافعة للولايات المتحدة الامريكية، واستمر في اخطائه المتتالية رغم تجاوزه بشكل غير لائق من حليف له، ووقف لم يحرك ساكنا ليشهد العالم على ضعف الولايات المتحدة أمام ذلك الحليف، وخسر حزبه أصواتا غير قليلة من الناخبين، وذهب بعضها إلى الحزب الآخر المنافس الذي هو أيضا لايقدر على فعل شيء أمام ذلك الحليف، بل ربما أشد ولاء له بسبب أيدلوجي بحت، وليس لمصلحة أمريكا، كما امتنع عدد من اتباع الحزب عن التصويت احتجاجًا على موقفه، ويبقى الموقف من حرب أوكرانيا والهجرة، وكذلك شخصيته فهي قصة أخرى تحتاج إلى مقال خاص.