عبدالمحسن بن علي المطلق
بالتأكيد أعني بهذا الجوال.. الذي يصدق عليه ما أجمع عليه العقلاء من أن هناك ما يمكن استخدامه للخير أو للشر. وخذ السلاح الأبيض السكينـ.. ـة - مثلا- وهي في مطبخ كل بيت ربي يحفظنا، أي مما لا غنى عنها، وكذلكم نجده بالكوب(1) أيضا الذي يمكن أن تضع به ما حلّ، أو ما حرم-، بمعنى أنك أنت من يحدد وجهة الاستخدام-
اليوم، ولهذه التي لطالما قلبناها بين أيدينا يُمنة ويسرة.. وكم هي فتنة للصغير الذي لم يدرك بعد، والرزين الذي عليه من الملامة (إن بُلع ممن دونه قدرا) ما سلبته منها
فلا للكبير الرزين، ولا الصغير الغرير إن ماج في بحره المتلاطم، إذ قلّ جدّا من عُصم، فتجد القوم وقد طاف ما فيه من معلومات فجعلتهم سادرين، قل منهم من يلوي على من حوله، والغالب يذكًر فترة انبلاجه بيننا، وإن قاربت تتلاشى.. مصداقا للحديث( ولكل أمر شرّة) ففي لقطة لازالت لأحدهم أمامي شاخصة.. يوم (دخل علينا وهو ينظر للجهاز، وسلّم ولم يرفع رأسه عنه، وبعد هنيئة.. قام وخرج وهو عليه سادر)..!
تصديري لهذا أمليه مع أني في الركب.. إلا أني أمتاح (2) الجمع أن يترسّلوا من أن يُغرقوا في غياهب جبّه، و(للإنصاف) لا للتعذير، لما حواه الجهاز -ضمّ..- من جمعهِ لعوالمٍ لا عالم..
على كلٍّ ليس هذا العجيب، ولا «مربط فرس» أسطري، فالمرام/ زعم جيل من سبقنا وهو لنا ينعت ما بلغ منّا ناعتا فأُفتننا به!، وكأن جيله وُقي لظى أجهزة بقاياها ببعض مستودعاتنا لليوم عليهم (3) شاهدة، وأعني أنهم كذلك فعلت بهم أجهزة استجدّت على من قبلهم، ما لا حاجة للتذكير بأنواع فموديلات الفديوات- مثلا-، ولكأنّها سنّة ماضيةً أن (كل جيل يعزّي نفسه بما يلوكه على الذي بعده).!
أجل، فهم وإذ لا حاجة لذكر ما فُتنوا..بما قدمه عصرهم لهم أن أسحب هذا -الخط- على حال من قبلهم، أعني حُقبة من كان للراديو خاصّته، درجة تسمع بين بعضهم أن هناك من حاز على أصغر جهاز (لا ننسى قريب من ذاك الجيل وكيف كان لكمرة «كوداك» التصوير الفوري) من بهورة ماسّت أغلبهم!
ف لزاما هنا على من يلوموننا على الجوال استحضار ذلكم.. عدا مرام ما حوى المثال( لكل زمان دولة ورجال) وبما يُناسب كل زمان.. هذه، تجدها الجملة التي استفتح بها «أحمد شوقي» احتفاء عهده بالصحافة حتى وصفها، وبعد أن شرع لكل زمان آية، تأكيده على أن.. آية هذا الزمان (الصحف)..
طبعا يقصد زمانه، والا فزماننا مشاهد كم هي تحاول الوقف بين تلك التقنيات على قدميها، وها هي تساير الركب يوم جعلت جزء من جُهدها بذاك المضمار (حين قدمت نسخة اكترونية) اضطرار امام تلك الهجمة.. وإلا فالقطار لن ينتظر من لم يتلاحق سرعة العصر!، ما يعني أ هذا التنازل أتى بمحض اختيارها، باخراجها ل الكترونية، مع الحفاظ على الأصل.. بالطبع
و على هذا نُعيد كرّة أخرى موضع عدم التلاوم يا جيل من سبقنا، فأنتم من داخلكم تجزمون لو أنه -الجوال- خرج بعصركم لن تجدوا اي غضاضة ان تفعلوا فعلة جيلنا معه، ولن أتجاوز فأقول بأكبر..
ثم إن (الكل) اليوم معذور، فالدوائر الحكومية على جلالة ثقلها سايرت..
فها هي اليوم تقدّم تطبيقات (تحدّثها أوّل بأول)، كي تُنجز (لنا)(4) ما كنّا قبل تلكم والتي فقط لتعديل أي معلومة - تستجدّ في سجلّك- بحاجة لتفرّغ يوم كامل للاتمام(5)
فأمسى بفضل الله ثم هذه التقنية التي لا تُنهل إلا من (جهاز) الجوال.. وبضغطة ازرار (بعد الدخول على التطبيق).. فتنجز أكثر من طلب، ولنأخذ تصوّر شهري لا سنويّ (أكثر من 7.7 ملايين عملية إلكترونية عبر منصة «أبشر» في يوليو 2024م نفذت منصة وزارة الداخلية الإلكترونية «أبشر»خلال شهر يوليو الماضي)..
أما (المصارف) ففعلا حدث ولا حرج فصالات الانتظار اليوم شبه خاوية، وربما كم من «بنك» حاول تقليص الموظفين.. فحسبنا السرا الذي (كان) يوما عندها!
بل لا يخفى ان بعض المدارس وفي ظروف معيّنة تلجأ للدراسة عن بُعد- من خلال تلك التقنيات- ثم لننظر أن كم وفّر من أوقاتنا و(زحماتنا).. وأكثر، بل أزيدكم حتى من أعصابنا وبعد/ فإن من لا يستخدم هذه (النّعمة) إن تيسّرت فهو وحده الملوم
فدولتنا والحمد لله في مصاف الدول التي قدّمت الحكومة الإلكترونية، واليوم سعت لما هو أكبر عبر الجمع (المنصّة الوطنية)، وهذا يحسب لها في خُطى (بل قفزات..) التنمية، حتى صدق المثل لكن من وجهه الإيجابي( يوم بسنة..)
وهذا من قبيل الضروريات، لتأتي الكماليات في السياق، فهذه تطبيقات التوصيل في سباق.. يكاد يكون محموما! فكل منها يُقدّم من المغريات ما تجد لسان
صنيعها قائلا (الزين عندي، و...)، لتُوصل إلى بيتك ما تريد من مأكل ومشرب، وفاض بالأمر ليبلغ الأعمال المنزلية، وعمالة و...
فبربكم اليوم: هل من مستغنِ عن هذا الذي لا يكاد يسقط من أيدينا، أو من معتبٍ أن لا تدعه أيدينا.. ودي أزيدكم تنويها.. لا الساعات التي تتنافس على أغلاها المعاصم منّا، ولا الأبواك - محافظ النقود- ولا السيولة ولا.. بقي لها مكان في هندامنا..
كذلك الحديث - هنا- عن الجهاز (ذاته) لا عما فيه من السناب - مثلا-، ولا المشاهير، و..لاعوالم ما لم نعلم بعدُ.. عنه ، لم يبق علينا والله الا كثرة الحمد..
فنحن معها ومع غيرها من قبل- والله- في ((زحام من النّعم))، والله يذكر ذاك الأخ السوداني بخير وقد كان وهو يخبز (أي بين يدي الفرن) يرددها على من يسأله:
كيف حالكم؟ وعدم الاستغناء طال مبلغه ما طال..
فلا لجلسة فيها من الكبراء مثلا يحول منها، وهذا ليس استخفاف معاذ الله، لكن..
حالةً ما أبلغنا من حاجته ما كان بيوم للأطباء - أيام بدأ نداؤهم -بالبيجر.. ليتخذ مسارب لمن بعدهم من الشرائح، وكأنه أتى مبشرا أو قل كتوطئة للجوال الذي تدرّج فأغنانا وأقنانا و...بل موعودون أيضا بالعلاجات والأوزان.. والله أعلم من بعد هذه النقلة للتالية، وما الذي سيزيده هذا الجهاز.. الذي أذكر للراحل النحرير د. مصطفى محمود رحمه الله وقد بشّر به بمنتصف الثمانينيات الهجريّة ونحن يومها بالكاد نعرف ذاك الهاتف الهندل (الأسود)!، يوم قال وبملئ فم الواثق مما يقول: ((بيوم سيكون بين يدي احدنا جهاز مقاسه بأبعاد الكفّ.. إلخ))، وكان من يقرأ له يظنّه وشيء من (الاغراق) في تخيلات ما كان بها من اجواء علمية بالكاد كان يبرحها..
وها هو رحمك الله يا دكتور.. عصرنا لك مصدّق، بل رأي العين لفراستك (العلمية).. وصدق « دايم السيف» أن/
يا زمن العجايب!
وش بقى ما ظهر!؟
** **
1) اللغويون يفرقون( وحُق لهم) بين الكوب والكأس، فالأخير لا يطلق إلا على الخمر!
2) أي: أطلب..، وامْتَتَحَ الشيءَ: انتزعه من أَصْلِه.
3) ف خجلت أن أردد عليهم بيتٍ لعدي بن زيد : أيّها الشامت المعير بالدّهر..
أأنت المبرّأ الموفور ؟!!
3) لنا هذه - الملكية- كم تعجب من رنّـتها وأنت تتلو آية( قُل لَّن يُصِيبَنَا* إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا) أي لنا لا علينا، كـدلالة لذاك الخير الخفي خلف ما نظنه أو ظاهره غير محمود.. في خُلدنا القاصر عن وعي أقدار الله التي تقع، أُكرر إن هي إلا(..لنا)
جاء في الوسيط- للطنطاوي رحمه الله -(أى: «قل» يا محمد - لهؤلاء المنافقين الذين يسرهم ما يصبيك من شر، ويحزنهم ما يصيبك من خير، والذين خلت قلوبهم من الإِيمان بقضاء الله وقدره، قل لهم على سبيل التقريع والتبكيت، لن يصيبنا إلا ما كتبه الله لنا وقدره علينا»، فهو مولانا..
5) لطيفة للموظفين.. خلاص..!
ما عاد من عذر - لكم - للاستئذان في ملاحقة معاملة ما..!