محمد عبدالرحمن القبع
مع كل صباح يوم جديد تعود بي الذاكرة لذلك الموقف المهيب، وهو ذكرى الصلاة والدفن على أغلى ما في الكون (أمي) الغالية التي توفيت الثلاثاء قبل الماضي، وعندها أيقنت أن أشد ما يمكن أن تواجهه في الحياة هو عندما ذهبت لاستلام جثمانها أيقنت معنى الوداع الأخير.
وعندما أدرت ظهري وتركت فقيدتي في كفنها أيقنت معنى العجز، وتذكرت المقولة وهل العزاء يجبر المصيبة؟!
وعشت ذلك الموقف وعلمت يقيناً انه لا يجبر المصيبة إلا الصبر والتوكل على الله والدعاء.
صلينا عليها عصراً في جامع محمد بن عبدالوهاب ببريدة وتم دفنها في مقبرة الموطأ، ذلك الموقف في الصلاة عليها ودفنها وحين كنت أمشي في الجنازة كان الناس من حولي من المعزين يطبطبون على اكتافي، ولم أكن أعي شيئاً سوى كلمات كان يرددها هؤلاء الناس بقولهم جبر الله مصابكم ورحم الله فقيدتكم.
رجعت البيت واستقبلت المعزين، ومرت أيام العزاء وأنا أراقب وجوه من حولي ما بين مصدق ومكذب.. هل أمي بالفعل ماتت؟
وفي اليوم الثالث وبعد انتهاء العزاء فتحت صفحة اخرى وعادت القصة بالصوت والصورة وهي وفاة والدي رحمه الله تعالى، وذلك بعد مرور 36 عاماً على وفاته، ورجعت الأحداث في مخيلتي من جديد وكأنه بالأمس القريب..
عندما أختلي بنفسي فإنّي أعود كما ودّعت أمي يوم وفاتها.. أعود طفلاً وأجهش بالبكاء ولا غرابة في ذلك حيث ان فراق الأم موجع بقوة.
وفي الختام أقول:
رحمكِ الله يا أمي..
لا ألم يضاهي ألم فقدك ولا ذكرى مؤلمة أكثر من ذكرى رحيلك ولا حزن يفوق حزن وفاتك.
اللهُم عطر قبرها برائحة الجنة.. اللهم ارحم روحًا رحلت ولم تكتف قلوبنا من حبها واجعل الفردوس داراً ومقراً لها.