سمر المقرن
عندما قال الممثل الأمريكي كريس براو: «قدم للناس ابتسامة، فقد تكون أفضل ما يحصلون عليه طوال يومه». فلقد حالفه الصواب، فالابتسامة تُصبح -أحياناً- أكثر إشراقا من ضوء الشمس، وتنير الطرق وتبعث الدفء في القلوب الباردة وشاطئ أمان يلجأ إليه الإنسان هرباً من أحزان الدنيا! فالابتسامة، تزيل أدران الأحزان وتشرح الصدور، وتنير الكهوف المظلمة، فما أن يستقبلها الإنسان حتى يشعر وكأنه وجد ظلا ظليلا وجدول ماء في صحراء حياته الموحشة. الابتسامة لن تكلف صاحبها شيئًا، ولكنها تفعل الكثير من الأشياء في قلوب موجوعة نزلت عليها الابتسامة برداً وسلاما، ولذلك صدق من قال أنها رسولٌ حسِن يدعو إلى دين السكينة وراحة البال والأمان.
للعلماء رأي يؤكد فوائد الابتسامة الجمة فقد أشار بحث منشور في مجلة فام أكتويل الفرنسية أن الإنسان عند الابتسام يحتاج لتحريك 14عضلة من عضلات وجهه، بينما ترتفع إلى 70 عضلة عند العبوس. مما يعكس فوائد الابتسامة الصحية والنفسية الكبيرة حتى لو كانت زائفة.
والابتسامة علمياً تمنح المنظر الجذاب، وعندما تبتسم المرأة مثلاً فإنها تصبح أكثر جاذبية مقارنة بالمبالغ الطائلة التي تنفقها على أدوات التجميل والجمال لتبدو جذابة، بينما العبوس يجعل شكل المرأة دميمة، حتى ولو كانت شكلاً تُصنف من ملكات الجمال، علماً بأن الابتسامة مجاناً.
كما أن العلماء بجامعة تكساس أكدوا أن الابتسامة علاج فعال وناجع ضد التوتر سواء لمن يبتسمها أو يتلقاها، فهي بمثابة علاج نفسي لمحاربة التوتر والاجهاد وتوفر عليه تعاطي عشرات الأدوية النفسية، فتساعد الابتسامة على الاسترخاء.
وفي ذات البحث الذي نشرته المجلة وأجرته على 11 ألف شخص برهن العلماء أن الابتسامة تجعل الإنسان يشعر بالسعادة والفرح وتخلصه من المشاعر السلبية. كما أشار بحث آخر في مجلة journals.sagepub أن للابتسامة فوائد صحية مباشرة؛ فهي تجعل الإنسان يبدو أصغر سناً وتقوي جهاز مناعته وتزيل التوتر بسبب اطلاق هرمونات السعادة الدوبامين والسيروتونين التي تؤدي إلى ضبط ضغط الدم ومعدل ضربات القلب، وتقي الإنسان من أمراض القلب وعلى رأسها ضيق الشريان التاجي والنوبات القلبية وتقيه شر خطر السكتات الدماغية. كما أن الابتسامة تُعد مسكناً طبيعياً ضد الآلام الجسدية والعصبية.
وشخصياً أرى أن العبوس يوغر الصدور ويقصر الأعمار، بينما الابتسامة تختصر الطريق والمسافات فهي قادرة على إضحاك طفل وإسعاد شيخ كبير، وفرح امرأة وانتشاء صبية وإبهاج شاب وألفة حيوان، وتمنح مزيداً من الثقة بالنفس وتنجز الأعمال بسرعة، وأحياناً تكون خيرا من ألف كلمة أو فعل، فهي تمنح الإنسان حياة أخرى مليئة بالرضا، وتمثل سداً منيعاً أمام عظائم الأمور، وإذا كان الرزق مقسوما والحال لا يدوم، وكما قال الشاعر: (دع المقادير تجري في أعنتها ولا تبيتنّ إلا خالي البالِ.. ما بين غمضة عين وانتباهتها يغير الله من حالٍ إلى حالِ).. فلِمَ لا نبتسم؟