بدر بن عبدالمحسن المقحم
في ظل الحرب الدائرة في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ أكثر من سنة ومنذ انطلاقتها في السابع من أكتوبر 2023م ثم امتدادها إلى الأراضي اللبنانية والقتل والدمار الممنهجين للبشر والشجر والحجر يدل على أن الكيان الصهيوني ماض في مشروعه العدواني وابتلاع المزيد من المساحات العربية، حتى ولوكان على حساب الأرواح البريئة من الأطفال والنساء وكبار السن أو الإمعان في إحداث الإصابات المختلفة لمئات الآلاف من الأنفس التي لا حول لها ولا طول في هذه الحرب الإجرامية التي انتهكت كل القوانين والأعراف الدولية، بما فيها القانون الدولي الإنساني والذي يقصد به مجموعة القواعد التي تهدف إلى الحد من تأثير النزاعات المسلحة، وحماية الأشخاص الذين لا يشاركون في القتال كالمدنيين، أو الذين لم يعودوا طرفا في القتال مثل الجنود المصابين، كما يرمي إلى الحد من الوسائل المستخدمة في الصراع أملا في التخفيف من الخسائر البشرية والمادية المترتبة على النزاع المسلح، حيث يعود تأسيس هذا القانون إلى اتفاقية جنيف الأولى عام 1864م، وما تلاها من اتفاقيات جنيف الأربعة عام 1949م التي من بينها (الاتفاقية الثالثة المعنية بأسرى الحرب، والاتفاقية الرابعة المعنية بحماية السكان وقت الحرب).
ومع استمرار الصلف الإسرائيلي المنتهك للقانون الدولي الإنساني بشكل صارخ فإن الكيان الصهيوني بات يهدد ليس فحسب القانون الإنساني بل والقانون الدولي برمته وبالأخص ميثاق الأمم المتحدة الذي أنشئ من أجل نزع فتيل الحروب في العالم وتعزيز السلام الدولي والحفاظ على الأمن في أرجاء المعمورة واللجوء إلى استخدام الوسائل السلمية في حل النزاعات بكل أدواتها المعروفة بدء من المفاوضات الدبلوماسية بكل تشعباتها المختلفة والتي من بينها الوساطة والتحكيم والمساعي الحميدة، وبناء عليه فإن كوكب الأرض لا يحتمل المزيد من الحروب ناهيك عن الحروب في المنطقة العربية أو الحروب العالمية كالحربين الأولى والثانية، وبالتالي فإن الخشية أن تنتقل شرارة العدوان العسكري الإسرائيلي في فلسطين المحتلة ولبنان إلى خارج نطاق تلك الأراضي، خاصة ما يشاهد من إمعان الدولة العبرية في قصفها للمواقع المدنية وما نجم عنه من سقوط مئات الآلاف من القتلى والجرحى والدمار الهائل في البنى التحتية في الأراضي الفلسطينية واللبنانية والذي ينذر بإندلاع حرب إقليمية تأكل الأخضر واليابس، وهو ما يلقي على كاهل المجتمع الدولي مسؤولية سرعة التدخل ليس فقط من أجلنا كعرب، ولكن من أجل مصالح الدول الكبرى في المنطقة من أن تتضرر ويتولد عنها ردود فعل لا تحمد عقباها بل قد يصل هذا الشرر إلى شوارع في العواصم الغربية الداعمة لإسرائيل مما يؤدي إلى أضطراب أمنها خاصة في ظل الدعم الأمريكي المكشوف والمعلن لهذا الكيان المحتل الذي عرضت عليه المئات من المشاريع والمبادرات والحلول لوضع حد لمأساة الشعب الفلسطيني وحقه في إقامة دولته على الأراضي المحتلة عام 1967م وعاصمتها القدس الشرقية لكنه رفضها من جانبه بكل صفاقة، بل أن المواقف الأمريكية المعادية للقضايا العربية هي في حقيقتها معادية للدول المحبة للسلام ووصمة عار في جبين التاريخ الأمريكي .
وتفاديا للعواقب الوخيمة جراء هذا الممارسات اللاإنسانية من قبل دولة الاحتلال، فإن على المجتمع الدولي وبالذات الأعضاء الدائمون في مجلس الأمن النهوض بمسؤولياتهم تجاه صيانة الأمن والسلام الدوليين وعملا بما نص عليه ميثاق الأمم المتحدة وبالذات في فصله السابع، وعدم أعطاء الفرصة للقوات الإسرائيلية بانتهاك كل الأعراف والقوانين الدولية في حق الشعبين الفلسطيني واللبناني بدعوي أفكار صهيونية زائفة وشعارات تضليلية على الناس.
ومن جهة آخري العمل الدؤوب على سياسات تخدم استقرار المنطقة من خلال عدة مسارات أولها إقناع إيران بأن ميليشياتها المسلحة في العواصم العربية أنما هي براميل بارود تفتك بتلك العواصم وتضر بشكل مباشر بالأمن الوطني الإيراني وتكون خسارتها على الجميع إلا أعداء الأمتين العربية والإسلامية فدورهم في هذه الحالة الكارثية سيكون دور المتفرج بل أن البعض منهم يسعى إلى التصعيد وإشعال مزيد الحرائق في أرجاء الوطن العربي .ولعل القمة العربية الإسلامية التي انعقدت في الرياض يوم 11 نوفمبر 2024م والتي جاءت كأمتداد للقمة التي انعقدت بنفس التوقيت من العام الماضي تشكل بقراراتها بارقة أمل من أجل إتاحة الفرصة لإقامة السلام وإنهاء العدوان الإسرائيلي الجاري في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ووقف النزيف الفلسطيني واللبناني الذي يسفك حتى الآن، والدفع بصورة سريعة في تنفيذ حل الدولتين بهدف أن تنعم المنطقة بالآمان والازدهار، عندها تلتفت كل الدول المنطقة لتنمية مجتمعاتها وشعوبها ومستقبل أجيالها.
وصدقت حكمة الشاعرالعربي عندما قال:
أرى خلل الرماد لها وميض
فيوشك أن يكون لها ضرام
فإن لم يطفئها عقلاء قوم
يكون وقودها جثث وهام