عبدالله إبراهيم الكعيد
قبل أن أخوض في غمار تفاصيل حكايتنا اليوم رأيت أن أبدأ بالسؤال:
هل يعرف المتحاورون الفرق بين الحوار والجدل؟ تبادل الأفكار سواء اتفقت أم اختلفت. من يسمع من، ومن يحترم من، وهل يجوز مقاطعة استرسال طرف من اطراف الحوار، هل يسمع بعضهم بعضا من الأساس؟
يوضح الذكاء الاصطناعي الفرق بين الجدل والحوار على أن «الجدل والحوار شكلان من اشكال التواصل، لكنهما يختلفان في الأسلوب والهدف. فالمجادل يسعى نحو اثبات صحة وجهة نظره على حساب الآخر؛ فهو يركّز على الانتصار في النقاش» وغالبا ما ينتهي الجدل بزيادة التوتر إذ يشعر كل طرف بأن عليه أن يدافع عن رأيه بشدة.
بينما يسعى المحاور إلى تحقيق فهما مشتركان حيث يركّز على التبادل الفكري بين الأطراف. يعني يمكننا القول إن الجدل يقوم على المنافسة بينما الحوار يعتمد على التفاهم.
مهندس الديكور صاحب اللمسات الفنية الأستاذ حسن الحمدان وهو الذي عاصر وأشرف على بعض قنوات التلفزة في بلادنا فترة طويلة علّق في رسالة خاصة على مقال الأسبوع الفارط (هل العلم نور فقط) بقوله: «لم أجد من أشار الى حرية التفكير والبحث المؤطر التي كان يدعو اليها الإمام مالك متّقد الذهن والذي أذهل العالم بفكره لدرجة أن نابليون حين أراد تأسيس القانون الفرنسي وطلب البحث في أوربا عن مرجعيات يتكئ عليها ذا القانون وجد في التنظيمات التي كانت سائدة في الأندلس حينها وهي المستقاة من وحي أفكار الامام مالك وجد نابليون ضالته في تلك التقعيدات التي تتسم بالشمولية والتناغم مع متطلبات الحياة».
يعتقد صاحبنا حسن الحمدان بأن مقولة الإمام مالك (كل يؤخذ من قوله ويرد الاّ صاحب هذا القبر) تدعو كما نقول اليوم «التفكير خارج الصندوق» التي أشار اليها كاتب هذه السطور في مقاله المنوه عنه أعلاه. مقولة الامام مالك تلك وان كانت (حسب الحمدان) منضبطة فهي تعتبر متحررة من القوالب البالية وتقول بكل إيجابية عن الزوايا المضيئة في مسيرة الفكر الإنساني والحياة.
أعود لحكاية الجدل، كما ورد في عنوان حكاية اليوم فأقول: هل الجدل يعتبر حوارا مكتمل الأركان فيما لو أخذنا في الاعتبار حسب التعريفات المتفق عليها في جّل المعاجم بأن الجدل يعني الشدة في المناظرة ودفع الخصومة بحجة أو شبهة أو ببعض ضئيل من الحقيقة. حتى لا يكون كلامي هذا مجرد صف حكي أحيلكم لمساحات منصة (إكس) تويتر سابقا، وستتضح لكم الصورة أكثر.