إبراهيم بن سعد الماجد
قصر الحكم..
قصر المصمك..
الجامع الكبير..
ثلاث شواهد على عِظم تأريخ تلك المنطقة، منطقة وسط الرياض، التي يحمل كل سعودي لها من الذكريات أجملها، ويسجّل لها التأريخ بطولات وانتصارات وعلم وعمل هو الركيزة الأولى لبناء هذه الدولة العظيمة.
ونستعرض هنا هذه الشواهد لتتضح الصورة:
قصر الحكم
هو قصر تاريخي ومَعلَم سياسي، وأحد أهم المزارات السياحية ومواقع المناسبات في الرياض. يشغل مساحة 11,500م2 في وسط العاصمة. عُرف باعتباره مقرًّا لحكام أئمة الدولة السعودية الثانية، بدءًا بالإمام تركي بن عبدالله، ووصولًا إلى الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه، مؤسس المملكة العربية السعودية.
وقضى الملك عبدالعزيز في القصر أكثر من 30 عامًا، قبل أن ينتقل إلى قصر المربع عام 1357هـ/ 1938م، بعد عقود كان فيها القصر مسكنًا لأئمة وملوك الدولة السعودية.
ويتميز قصر الحكم بإطلالته على كل جهات مدينة الرياض القديمة، وعلى الرغم من ارتباطه بالدولة السعودية إلا أن نواته الأولى بنيت في عام 1160هـ/ 1747م، قبل نحو 79 عامًا من اتخاذ الرياض عاصمة للدولة السعودية الثانية عام 1240هـ/ 1824م.
قصر المصمك
يقع في وسط مدينة الرياض، ويعد من الأبنية التي لها مهابتها المعمارية، التي تدل على مكانة هذا القصر السياسية، وهو الآن وجهة سياحية بعد أن كان شاهدًا على أحداث جسام في تاريخ تأسيس المملكة العربية السعودية.
بُني القصر في القرن الرابع عشر الهجري، في عهد الإمام عبدالله بن فيصل، وكان مسكنًا له، وبيتًا للحكم والمال، ويعد القصر حصنًا منيعًا يحمي من الأعداء، لذلك امتاز بمتانة جدرانه وارتفاعها، وليس له نوافذ أو شبابيك أو فتحات، سوى مدخلين ومنافذ صغيرة تتسع لفوهات البنادق وقت المعارك.
ويطل القصر اليوم كراوٍ مسرحيٍ لتاريخٍ أصيل في استرداد الحكم والبلاد، فيروي معالم تلك الفترة وتاريخ قادتها في قاعات عرضه، بعد تحوله إلى متحف عام 1416هـ/ 1995م.
لفظة «المصمك» أو «المسمك» تعني البناء السميك والحصين، وكان أحد استخدامات هذا الحصن مستودعًا للذخيرة والأسلحة، حتى تقرر تحويله إلى معلم تاريخي ثم إلى متحف.
الجامع الكبير
«الجامع الكبير» جامع الإمام تركي بن عبد الله -رحمه الله-، يقع في منطقة قصر الحكم وسط مدينة الرياض, من أكبر المساجد في مدينة الرياض وأهمها، حيث تم إنشاؤه في عهد الإمام تركي بن عبد الله، ومر بتوسعات عديدة.
وتقدر مساحة الجامع بحوالي 16.8 ألف متر مربع، يستوعب نحو 17 ألف مصلٍ في وقت واحد، ويتكون الجامع من مصلى رئيسي للرجال وآخر للنساء، تبلغ مساحته 6.32 آلاف متر مربع وارتفاعه 14.8 متراً، وساحة خارجية تبلغ مساحتها 4.8 آلاف متر مربع، ومكتبتين إحداهما للرجال والأخرى للنساء، مساحة كل منهما 325 متراً تقريباً، كما يحتوي على سكن للإمام والمؤذن، ويشمل مكاتب خاصة بالأجهزة الحكومية ذات الصلة، وقد أقيمت على جانبي الجامع منارتان بارتفاع 50 متراً استلهم في تصميمهما روح العمارة التقليدية، تقام فيه الدروس العلمية طوال العام من كبار العلماء واساتذة الجامعات والدعاة.
إن الذي يزور الرياض ولا يزور وسطها، ويطلع على هذه المعالم الثلاثة لا يُعد عرف الرياض، ولا شم عبق تأريخها العظيم.
الرياض التي تغنى بها شعراء كبار، ونسج حولها خيال الكتاب والرواة أجمل ما يمكن أن يُقال.
غازي القصيبي - رحمه الله - يقول:
وفاتنة أنتِ مثل الرياض
ترقّ ملامحها في المطر
وقاسية أنتِ مثل الرياض
تعذب عشاقَها بالضجر
ونائية أنتِ مثل الرياض
يطول إليها.. إليك.. السفر.!
لا أدري لماذا عندما أكتب عن هذه المدينة أجد قلمي يسابقني وكأنه يريد الظفر بكل كلمة وكل عبارة عن هذه المدينة المتجذرة في التأريخ.. تتسابق الكلمات لتحكي التأريخ.. الجغرافيا.. الأدب.. السياسة، لتحكي النبض الذي كان يغذي كل أرجاء الوطن.
وسط الرياض الذي يعني أحياء تاريخية لها حضورها في مشهدنا الحضاري، كما لها حضورها في ذاكرتنا الأدبية والتاريخية، أحياء معكال ودخنة والظهيرة وحلة القصمان وحي الديرة والدحو، وغيرها، منطقة كبيرة جداً، لكنها تعاني كما هو أي حي قديم، من تقادم مبانيها وتخطيطها، وما نشهده اليوم من إعادة مشهدنا الحضاري في أنحاء مختلفة من العاصمة يجعلنا نتطلع وبشغف إلى مشروع كبير يعيد لوسط الرياض قيمته وأهميته، كما أن هذا المشروع سيكون أهم مشروع يساهم في القضاء على بيوت الغش والتخلف والتسول.
إن إزالة تلك المباني القديمة، والتي هي مجرد دور لا تحمل أي تاريخ يعني:
1- أننا سنوفر آلاف الوحدات السكنية، وفي منطقة حيوية.
2- ويعني أننا سنقضي على بؤر الغش والتخلف والتستر التجاري.
3- ويعني أننا سنعيد لوسط الرياض وهجه وقيمته الحضارية والاقتصادية.
4- ويعني أننا سنساهم في جودة الحياة لهذا الوسط الهام.
5- ويعني أننا سنساهم في إتاحة خيارات السكن الحديث المريح القريب من وسط الأعمال.
وغير ذلك من المصالح التي ستتحقق بإذن الله.