بدرية المعجل
قال تعالى: (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا).
في هذه الآية الكريمة نجد أنّ حب الأبناء مقترن بحب المال فكلاهما يضيف بهجة وسعادة وفرحاً للإنسان، ويعتبر وجود الأبناء نعمة من النعم التي يهبها الله لعباده، والأبناء هم جمة الفؤاد وقرة العين وزينة الحياة.
وكما قيل:
(وإنّما أولادنا بيننا
أكبادُنا تمشي على الأرضِ
لو هبت الريحُ على بعضهم
لامتنعت عيني عن الغمضِ)
فما هو واجب الإنسان حيال هذه النعمة، هل يقابل هذه النعمة بالإهمال والقسوة والغلظة والشدة!! أم واجبه الاحتواء والاهتمام والمدارة واللطف والعطف والحنان.
ويبدأ الاهتمام بالطفل باختيار والدته الصالحة المخلصة الرحيمة فلا خير في قساة القلوب من نساء أو رجال، ثم محبة أمه ومعاملتها بالحسنى والتقدير والاحترام.
فالبيوت تقام على المحبة والتقدير وليس على العنف والضرب والإهانة، فينشأ الطفل في بيئة صالحة نقية تساعده على حفظ صحته النفسية وتجعله متزنًا هادئًا خلوقا محبًا للحياة والناس.
وهناك جانب آخر تلبية طلباته وإشباع احتياجاته العاطفية والنفسية الاجتماعية والمادية، فالطفل مثل النبتة اللينة الغصة إن توليتها بالاهتمام والرعاية نمت وأورقت وأزهرت وزادت الحياة جمالًا، وإن اهملتها اصفرت وتساقطت أوراقها وأزهارها ويبست غصونها وماتت.
فالأطفال أمانة ومسؤولية، يحتاجون الى الرعاية والاهتمام. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) متفق عليه. رواه البخاري.
وقد ورد في تعريف الراعي (هو الحافظ المؤتمن الملتزم صلاح ما اؤتمن على حفظه، فهو مطلوب بالعدل فيه والقيام بمصالحه).
وكل مرحلة من مراحل الطفل تحتاج إلى وعي ومعرفة بخصائص هذه المرحلة. ومرحلة المراهقة هي أشد خطورة في التعامل حيث انها مرحلة انتقالية من الطفولة إلى الشباب وفيها من التغيرات الجسمية والفكرية الكثير، لذلك نحتاج في هذه المرحلة إلى زيادة الوعي بأهميتها ومدى تأثير التعامل في هذه المرحلة على الحياة المستقبلية للطفل، والاهتمام والاحتواء هو ما يريده الطفل في هذه المرحلة، فوجود الأسرة المتماسكة الداعمة للطفل تختلف عن الأسرة التي لا يجد فيها الطفل سوى العنف والقسوة وغيرها من السلوكيات الخاطئة التي تؤثر سلبًا على تصرفاته في مجتمعه وتجعله كارهاً لنفسه وللحياة، ونحن بحاجة إلى الاقتداء بطريقة الأمهات في التربية، فقد كانت الأم ترعى الطفل وهي مشغولة وتربي وهي غير متعلمة، لم تقرأ كتب التربية الحديثة ولكنها خرّجت أفضل الأجيال، فالأمهات قدوات في التعامل باللطف والرحمة والحنان والاحتواء، وكذلك الأب كان له دور كبير في حياة أبنائه بالاهتمام والدعم والمؤازرة والمعاملة بالحسنى.
وكانت البنت لها احترامها وتقديرها وكرامتها يستبشرون بقدومها ويطلقون عليها أجمل الأسماء وتعامل معاملة خاصة نظرًا لرقتها وعاطفتها التي تتطلب الدلال والعطف والاحتواء.
وكذلك يبرز هنا دور المدارس والمؤسسات التعليمية عن طريق توظيف الإخصائيين النفسيين والمتخصصين الاجتماعيين في المدارس والمؤسسات التعليمية لمعالجة السلوكيات الخاطئة الطارئة عليهم لتكون السند بعد الأسرة، فالمختص بعلمه ودرايته يساهم في مساعدة الطفل على تجاوز ما يطرأ على سلوكياته من تغيير.
حفظ الله الجميع ووفقهم لما يحبه ويرضاه.