د. نوف بنت محمد الزير
يحفل تاريخنا الوطني في المملكة العربية السعودية - حرسها الله- بمخزون وافر من المصادر الأصيلة التي من خلالها يعرف الناس تاريخهم وحضارتهم والأحداث التي مرت بهم، والتطور التاريخي خلال الحقب الزمنية؛ ما يجعل هذا التراث الزاخر بالمفاخر ثروة عظيمة يحسن بالناس جميعًا - والأجيال على وجه الخصوص- أن يكون لها منه حظ وافر لتعيشه وتفهمه وتستوعبه وتحبه، وتكبر وهي تعتز به وتحافظ عليه.
الجدير بالتركيز والذي تشتد الحاجة إليه هو القاموس أو المعجم الوطني الصوتي الذي يرصد لنا تاريخنا الماجد بتفاصيله الجميلة مسموعًا ومصورًا؛ ذلك أن المصادر المكتوبة وافرة ولله الحمد، ولكن المصادر المسموعة نادرة وإن وجد شيء منها فهو عبارة عن جهود فردية وبعض الحلقات الإذاعية أو التسجيلات المتناثرة لبعضهم روى من خلالها حادثة أو موقفًا له أو لأحد عرفه أو سمع عنه!
حتى أن بعض المفردات - لقلة ضبط المؤلفات بالشكل- يختلف نطقها من شخص لآخر، وحتى في بعض الألفاظ المضبوطة بالشكل لا تُنطق بالطريقة الصحيحة للسان العربي السعودي؛ وعندما يكون القارئ بلسان غير عربي، فلك أن تتوقع كيف يمكن أن يكون نطقها!
وأنت تسير في رحلة بين مدن المملكة أو نزهة برية ترى كثيرًا من اللوحات الإرشادية لأسماء المدن والمحافظات والهجر والمراكز التي يقرأها كل واحد يراها بطريقة مختلفة قد لا يتمكن إلا القليل من معرفة الوجه الصحيح لنطقها!
والذي يصعد إليه الطموح أن يكون لدينا نحن السعوديين معجم صوتي نستطيع من خلاله سماع الأحداث التاريخية بمسميات الأشخاص والأماكن ونطقها نطقًا صحيحًا، وهذا الأمر يمكن أن يفيد الناس في مسارات كثيرة، تشمل: أعلام وأسماء: المدن والمحافظات والهجر والمراكز، الأشخاص والعوائل والقبائل، الأماكن هضابها، جبالها ووديانها، النباتات البرية البحرية، التمور، المباني: القصور المساجد والحصون، الوقائع التاريخية، الآلات: آلات القنص، الصيد، الطهي، الزراعة والغوص، الملابس: ملابس النساء والرجال والأطفال، ملابس الحرب والعيد، ملابس الشتاء والصيف، ما يُلبس على الراس وفي اليدين والأقدام، الألعاب الشعبية، الأمراض والأدوية، الأوقات الموسمية المرتبطة بدخول الصيف والشتاء، أسماء المأكولات والمشروبات والأطباق والأواني، والعادات والتقاليد، والحكم والأمثال وما يخدم ذلك ويرتبط به ويعين عليه من ثروة الوطن التي نطمح إلى سماعها من مصادر أصيلة تعين على فهمها وتناقلها بين الأجيال وتكون حديث المجالس.
ألتمس أن يكون هذا الجهد محل عناية جهات الاختصاص من حيث الإصدار والنشر والتي من أهمها: دارة الملك عبدالعزيز، وزارة التعليم، وزارة الثقافة ووزارة السياحة وغيرها من الجهات ذات العلاقة وأن يُستفاد من كبار القلوب والأعمار الذين عاصروا كثيرًا من أحداث التاريخ وشاهدوا تفاصيلها وعايشوا أشخاصها وتنقلوا بين الجبال والهضاب والوديان في معرفة هذا الكنز الثمين وسماعه بأصوات من يستطيع ذلك منهم أو ممن عرفه منهم من أبنائهم وأحفادهم ومن عايشهم.
إنً وجود مثل هذا المعجم يُعدّ ثروة وطنية يترقبها الجميع وخاصة الأجيال لتزيد معرفتهم بوطنهم وتعينهم على استيعاب تفاصيل حياة آبائهم وأجدادهم ويحسنوا روايتها لأبنائهم وبناتهم.
أدام الله على وطننا وقادته وشعبه الرخاء والنماء والعزة والإباء.