د.زيد محمد الرماني
الاستدامة
الاستدامة مبدأ يقول إن النمو الاقتصادي والتطور لابد أن يقوما ويحافظ عليهما ضمن الحدود البيئية، وبشرط أن يحقق مستوى معقولا من الرخاء والأمن لجميع أفراد المجتمع.
ولذا، فالتنمية المستدامة هي: تلك التنمية التي تحقق تنمية اقتصادية ورفاهية اجتماعية بأقل قدر من استهلاك الموارد الطبيعة، وبالحد الأدنى من التلوث والإضرار بالبيئة.
ومن هنا فقد اختلفت مفاهيم التنمية المستدامة فهناك من اعتبرها في عنصر البيئة وآخرون في الاستخدام الأمثل للموارد، أو التفكير في المستقبل حفاظاً على الأجيال القادمة، والقضاء على الفقر، أو المشاركة في التنمية المحلية.
عالم مستديم
يعتبر تنامي وزيادة السكان بوتيرة كبيرة من أهم أسباب المشكلات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية في بعض الدول الفقيرة، ولذا أصبح إيقاف هذا النمو ضرورة. فخلال قرن واحد تقريبا زاد البشر من 1.6 بليون إلى 6 بلايين نسمة ومن المحتمل أن يتضاعف هذا العدد خلال القرن الحالي.
وإن كان لكل دولة استهلاكها الخاص بيد أن نحو 1.5 بليون فقط هم الذين يستهلكون كل شيء من تلفاز وسيارات وثلاجات ومعادن وغيرها. وعليه فمع زيادة الطلب الاستهلاكي قامت الكثير من الشركات التجارية بإعادة صياغة عمليات تصنيعها وتطوير منتجات مستديمة بيئيا.
ومن ثم، فعلى الدول الفقيرة أن تحدد اتجاهها إما إلى اقتصاد الكاوبوي (الاستهلاك غير الرشيد للموارد) أو اقتصاد رجل الفضاء (المحافظة على الموارد واعادة تدوير النفايات).
الاستهلاك التفاخري
لقد أصبح للاستهلاك قيمة اجتماعية، فالفرد لا يستهلك ما يحتاجه فقط، وإنما يقلد الطبقات التي حوله، بمعنى أنه لم يصبح ذوق المستهلك من يحدد استهلاكه وإنما أيضاً أذواق المستهلكين من حوله.
ولذا يتعرض المستهلك في عصرنا الحالي لغزو أشد من الغزو المباشر، حيث تطرح سلع رديئة في السوق بسعر أقل من أجل أن تختفي السلع الجيدة ومن ثم ترفع أسعار تلك السلع الرديئة.
وعليه فإننا نلاحظ تغير سلوكيات المستهلكين بسبب الثورة الانتاجية الكبرى، أو لإخفاء المستوى الثقافي والمالي، حتى أصبح كل شيء نادرا يتسابق الناس لاستهلاك أكبر قدر منه.
النزعة الاستهلاكية
أن تمتلك أو لا تمتلك هذا هو جوهر النزعة الاستهلاكية في الغرب، ومحرك الرأسمالية. إذاً فليس الأمر أنَّ دافع الامتلاك هو بدون مزايا، ولا لأن العمل به يصاحبه الندم، أو إعادة النظر من الناحية المعنوية، التي هي جزء من العملية الاستهلاكية.
نحن لا نعرف فقط كيف نمتلك أو لا نمتلك، بل نعرف أيضاً كيف يكون ذلك في الاتجاهين، فيما يتعلق بالآثار الأخلاقية للشهية المفرطة. وتعتبر الرغبة من أهم دوافع الاستهلاك، حيث تجعل بعض الناس يقترضون حتى الموت لأن هذه الرغبة قد تكون نوعاً من الادمان. وللأسف فإن بعض وسائل الإعلام لها دور في توجيه رغبات المستهلكين بشكل خاطئ.
مجتمع الاستهلاك
يشهد المجتمع الحديث زيادة في الاستهلاك، ويرجع ذلك إلى الدور الذي تقوم به الإعلانات التجارية من خداع المستهلك المستند إلى التفاوت الكبير في مستوى المعيشة والذي يعد المحرك الأساس لمجتمع الاستهلاك.
وقد نجم عن زيادة الاستهلاك والتملك فقدان المجتمع للاتصال بعضهم ببعض، حيث أنشأ مجتمع الاستهلاك غربة بين الإنسان وأخيه، كما أنتج شعوراً بالقلق والفراغ.
ولذا يلاحظ على مجتمع الاستهلاك أنه يجعل من الفرد أداة للاستهلاك وليس انساناً حقيقاً، إلى جانب أن زيادة الاستهلاك الترفي تبعد الإنسان عن القيم الفاضلة ومن ثم تزداد الهوة بين الأغنياء المترفين والفقراء المعدمين.
اللياقة المالية
إن من أهم العوامل التي تزيد من نهم الاستهلاك: الضغوط الاجتماعية (قيمتك الاجتماعية بقدر ما تملك من مال)، والاعلانات التجارية (انتشارها الواسع بأكثر من وسيلة)، وثقافة التسوق (طريقة تصميم الأسواق التي تشجع على الشراء)، وسياسات الحكومة (المشجعة للاستهلاك) وتوافر سوق الجملة (الشعور بانخفاض الأسعار).
إذن، فإن القيمة الصافية تساوي القيمة الذاتية بمعنى : بقدر ما تملك من مال تكون مهيئا للقبول الاجتماعي والعكس.
ومع ذلك، فإن هناك خطوات مهمة يمكن أن تؤدي إلى تثبيط الاستهلاك أهمها: ترشيد أنظمة الطاقة، وموازنة النمو السكاني، وإنهاء الفقر، والغاء السياسات التي تؤدي لزيادة للاستهلاك، وكبخ الاعلانات التجارية ومراكز التسوق، وتأسيس ثقافة أننا يمكن أن نكون أكثر سعادة إن استهلكنا أقل.
الادخار
الادخار هو ذلك الجزء المقتطع من الدخل بعد الاستهلاك، ويتميز عن الاكتناز في أنه لا يحبس الأموال عن الاستثمار، وتكمن أهميته في مواجهة النفقات الطارئة، وتوفير فرص الحياة الكريمة إضافة إلى سداد الديون المستحقة.
إن المجتمعات الاستهلاكية تجد صعوبة كبيرة للادخار بسبب انخفاض الدخول ومواجهة الأعباء الاجتماعية المتزايدة، إضافة إلى عدم ترسخ قيم الادخار في المجتمع.
بيد أن هناك أمورا عدة يمكن أن تساعد على الادخار منها: الاستعانة بالله تعالى وطلب العون منه، ثم شراء الأهم فالمهم (الضروري ثم الحاجي ثم الكمالي)، مع أهمية البحث عن مصدر دخل إضافي، وضرورة تخطيط ميزانية الأسرة بشكل منضبط وتقويمها بشكل دوري.
مواردنا المالية
هناك نظرية تشاؤمية نتيجة القلق والمجاعات والكوارث، عرابها (مالتس) مفادها أن الزيادة في عدد السكان تتم وفق متوالية هندسية والحصول على الموارد يتم وفق متوالية حسابية، أي: أن زيادة السكان أكثر من توافر الموارد، وهذه تعرف بـ (المالتوسية).
ووفقاَ لهذه النظرية التشاؤمية فإن زيادة السكان ستؤدي إلى صعوبة الحصول على مصادر الطعام اذا لم يتم الاستغلال الذكي للمصادر المتجددة والتنظيم الجيد والذي سيكون مناسبا لطرد ذلك التشاؤم.
ولمواجهة تلك النظرية التشاؤمية يتأكد الاهتمام بالموارد المالية، وإن كان يتبادر إلى الذهن أن المقصود بها الموارد المادية، غير أن هناك موردا أهم ألا وهو العقلية الابداعية التي تملكها الانسانية من موجودات وطاقات.
الجياع
لقد كان من أهم أسباب سوء التغذية في العالم: الفقر والجهل والتقاليد الاجتماعية وتخلف المواصلات وأساليب الانتاج التقليدية.
ولذا فإن هناك أكثر من بليونين من السكان لا يحصلون على غذاء كاف، بل وللأسف فإن عشرات الملايين خاصة الأطفال يموتون سنوياً بسبب الجوع؛ وقد أطلق عليهم الغرب «دول الجوع» وعلى أفرادهم «الجياع».
إن المجاعات أسهمت تاريخياً في ارتفاع معدلات الوفيات، إلى جانب الفيضانات والحروب والأوبئة التي كان لها تأثير مباشر أو غير مباشر في الضعف الشديد وفقر الدم.
التفاؤل والتشاؤم
لقد كرست قضية «الجوع في العالم» رأيين متباينين: رأي تشاؤمي نتيجة للنمو المضطرد للسكان، ورأي تفاؤلي حيث يعتقد أن هذا النمو مصيره التوقف كلما ازدادت الدول غنى.
ففي الماضي كان الاقتصاديون يقولون إن الأرض محدودة وكذلك الموارد، ولكن مع التقدم العلمي الذي نلاحظه الآن تم نفي هذه الخرافة خاصة بعد التطبيق العلمي للأبحاث النووية.
وبعد أن كان القرن الماضي قرن العلوم الطبيعية، فإن القرن الواحد والعشرين ينبغي أن يكون قرن العلوم الإنسانية لمزيد من الازدهار.
الجفاف
إن أعداداً كبيرة من الناس يستخدمون كمية محدودة من المياه، كما أن الماء يدار بطريقة سيئة مما أدى إلى التلوث، وتفشي الأمراض. إذن هل يمكن القول إن الكوكب الأرضي في طريقه إلى الجفاف؟
إذ إن أزمة المياه تتمحور حول مشكلتين رئيستين الأولى: الحصول على مياه الشرب بأقل تكلفة، والثانية: الحصول على مصادر مياه ضخمة لزراعة الغذاء والمحافظة على النظام البيئي.
وحيث لم تعد الحلول التي استخدمت في الماضي ناجحة لحل أزمة ندرة المياه، لذا، فإنه يمكن حل الأزمة من خلال تقنية محسنة ومعلومات أفضل وإصلاح القطاع المائي، وتوافر عدد كبير من مزودي خدمات المياه في القطاع الخاص، وإقامة العديد من السدود لضمان توفير الماء.
الذهب
الذهب ذاك المعدن الذي لا يصدأ ولا يتغير لونه ولا ينقص وزنه أحبه الناس عبر العصور، وأضحت قيمته الاقتصادية تفوق قيمته الخام، وأصبح ملاذاً آمناً للاستثمار والادخار نظراً لضعف النظام النقدي الحالي.
ومن الملاحظ الاقبال الشديد على اقتناء الذهب ليس لأغراض الزينة فقط، بل تم استخدامه في العديد من الصناعات الكهربائية والإلكترونية، وأصبحت له صفة مميزة كاحتياطي مالي وشكل مطلق لسيولة رأس المال.
الفواتير
تعد الفواتير في الوقت الراهن من أساسيات الحياة والمرتبطة بأسئلة بالغة الأهمية من سيدفع قيمة الفاتورة ومتى؟ وأين؟ وكيف؟ رغم أن بعض الفواتير لا تتطلب التأجيل كثيراً فقد ينتج عنها فصل الكهرباء او الماء او الهاتف .
ومن أفضل الطرق لتنظيم الفواتير فرزها وتدوين قيمة كل فاتورة على المظروف الخاص بها، أو إعداد قائمة بالفواتير المتوجب سدادها ووضع خط على كل فاتورة يتم سدادها. مع أهمية دفع الفواتير في مواعيدها المحددة.
إن تسديد الفواتير بصورة شهرية يساعد على تنظيم الوضع المالي، ويمكن التخلص من الايصالات الخاصة بالفواتير في حال التأكد من تسديدها في الكشف، مع إعداد ملف خاص بالفواتير يسمى « للدفع» .
الوقف
للوقف أهمية اقتصادية وايجابية حيث يسهم في تكوين رأس المال البشري وتأسيس البنى التحتية ورأس المال الاجتماعي والتقليل من البطالة، وقد خصصت له كثير من البلاد الإسلامية صناديق خاصة به في مختلف القطاعات الاقتصادية، وأصبح الاستثمار في الوقف ذا أهمية اقتصادية، كما يعد من الدعائم الاقتصادية للفقراء والمحتاجين في ظل التقلبات الاقتصادية.
ولذا ينبغي المحافظة على أموال الوقف بحمايتها والمحافظة عليها من الضياع والتعطيل وسوء التصرف، وذلك بوضع الخطط اللازمة لاستثمار أملاك الأوقاف وتنميتها، إضافة إلى وضع حوافز للقطاع الخاص للمساهمة في دعم الوقف الخيري.
البطالة
يمكن القول إن هناك سبعة تيارات مختلفة ترفد البطالة الشاملة وهي: البطالة البنيوية الهيكلية نتيجة التحول من الاقتصاد الصناعي التقليدي إلى الاقتصاد الصناعي الحديث، والبطالة المرتبطة بالتجارة نظراً لاشتداد منافسة المبادرات العالمية، والبطالة التقنية الفنية نتيجة لتطور التقنيات، والبطالة العادية أو الاعتيادية بسبب مشاكل بيئية أو تغير الاذواق وأيضاً بطالة تخمينية توقعية انتظارا لوظيفة جديدة، والبطالة الاعلامية المعلوماتية نظراً لعدم وجود نظام معلوماتي حديث قائم على التوافق بين الكفاءة والمهمة التي يجب إنجازها وأخيراً البطالة المقنعة المستترة التي تغذيها السياسات الحكومية دون قصد لزيادة الوظائف.
وحيث إن هناك سبعة تيارات مختلفة ترفد البطالة، فإن لكل نوع من البطالة أسبابه، وبتشخيص الأسباب نحتاج لتدابير مختلفة لعلاج كل نوع.
التسويف
عادة التسويف بدأت منذ نشأت الجنس البشري من تأخير زراعة المحصول إلى الثورة الصناعية التي كانت سبباً في تأجيل المهمات. لذا يقصد بالتسويف: التأخير المتعمد لأعمال ملزمة بالرغم من أن تأخير القيام بهذه الأعمال يؤدي إلى نتائج غير مرضية. ومن المعروف أن هناك سببين رئيسين للتسويف هما: شعور المرء بصعوبة انجاز الاعمال وتفادي الانزعاج المتولد عن أداء تلك الأعمال.
وغير خاف أن للتسويف آثاراً سلبية سواءً في الجانب المالي والاجتماعي، أو الصحي، وخاصة في الجانب الصحي حيث إن المسوفين أكثر من غيرهم عرضة للوعكات الصحية.
على أنه للتخلص من التسويف ينبغي وضع أهداف مقترنةً بوسائل تحقيقها، وجدولة الأعمال دون تأجيل.
الزواج
يعد الزواج بمثابة عقد لتوزيع العمل، فكل من الزوجين يتخصص في مجال معين. فالرجل هو الذي يعمل في الخارج، وتبقى المرأة في المنزل للقيام بالأعمال المنزلية، وممارسة الأمومة.
وقد بيّن دافيد ريكارد ومن خلال نظرية المزايا المتوازنة، لماذا يجب أن تتخصص دولتان في التبادل التجاري؛ للحصول على أقصى الفوائد؟ وطبّق جاري بيكر النظرية نفسها في التبادل غير التجاري الذي يربط الزوج بالزوجة؛ حيث يؤكد أن التخصص فقط هو الذي ينظم موارد الأزواج، ويحقق لهم الرفاهية.
الألوان
منذ أن كتب مالتوس نظريته مؤكدا على أن عدد السكان يتزايد بمتوالية هندسية والموارد الطبيعية تتزايد بمتوالية حسابية، ظهرت أكثر من وجهة نظر: «فالزُرق» يركزون على أن نمو رأس المال أسرع من نمو السكان؛ أما «الحُمر» فيرون أن العمل هو أهم عناصر الانتاج، لذا يجب أن يكافأ الناس على قدر أعمالهم.
وبالنسبة «للخُضر» فالذي يهمهم هو نفاذ الموارد والتلوث، وأما «البيض» فإنهم ينظرون إلى جانب تمكن الناس من السيطرة على حياتهم وقراراتهم.
وهكذا «فالحُمر» يهمهم فعاليات السوق، و»الزُرق» لاينبذون السوق بشكل كلي بل يفرضون عليه معايير الرعاية الاجتماعية، أما «البيض» فيرون استخدام مهارات وقدرات الناس؛ «والخُضر» يركزون على صيانة البيئة وتجنيبها التلوث.
الإنتاج العلمي
يعتبر البحث العلمي من الأولويات المهمة جداً في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ففي الدول المتقدمة قد تصل نفقات البحوث إلى حوالي 3% من الدخل الوطني، وذلك بهدف تحقيق النتائج المرجوة من هذه الأبحاث سواءً في المجالات العلمية التطبيقية، أو العلوم الاجتماعية.
والأبحاث العلمية - وخاصةً في الدول النامية - لا تتجه معظمها إلى التنمية أو الابتكار الصناعي، أضف إلى ذلك اتسام هذه الأبحاث بانخفاض الجودة، وبُعدها عن الجانب التقني.
وعلى الرغم من أن كليات الدراسات العليا في الوطن العربي قد بلغت 600 كلية وأكثر، وطلاب التعليم العالي وصلوا لأكثر من ستة ملايين طالب وطالبة والذين كتبوا ملايين البحوث والرسائل الجامعية المتنوعة بين بحوث بكالوريوس ورسائل ماجستير ودكتوراه، إلا أن هذه البحوث لم تسهم الإسهام الأمثل في دعم خطط التنمية، والتصدي للمشكلات والتحديات التي نواجهها في واقعنا العربي.