خالد بن عبدالرحمن الذييب
تسويق المدينة عملية تهدف إلى بناء صورة إيجابية ومميزة لها، وذلك بهدف جذب الاستثمارات وتعزيز السياحة، وتحسين جودة الحياة، وبناء هوية قوية للمدينة من خلال عدة عناصر أهمها الهوية البصرية، والقصة، والوسائل والقنوات التسويقية. ومن أمثلة ذلك باريس وصورتها كمدينة موضة وماركات عالمية، وتُنافسها في ذلك مدينة ميلان الإيطالية والتي اشتهرت أيضاً بديربي المدينة الشهير بين الميلان والإنتر.
إلا أن ما يهمني هو الحديث عن عنصر مهم من عناصر تسويق المدينة وهو القصة والتاريخ. فهناك قصص تخلد في الذاكرة دون مزار واضح يشهرها، وأخرى تتوج بمزار يُشهر المدينة، وبعض القصص تتعلق بالأثر ذاته والذي يطغى على المدينة. فكثير من المدن اشتهرت مع صغرها بقصة كوّنت صورة ذهنية عند الناس فأصبح البعض يزور المدينة من أجل هذه القصة. ومنها على سبيل المثال مدينة قونية التركية، والتي كانت عاصمة للدولة السلجوقية إلا أنها اشتهرت أكثر بقصة لقاء اثنين من أشهر علماء التصوف وهما شمس الدين التبريزي وجلال الدين الرومي، حتى أصبح ذاك اللقاء ومكانه، وما دار فيه، قصة تُروى لجذب الزوار لتلك المدينة. أما القصة المتوجة بمزار، فمثالها قصة تاج محل والملك الذي بنى قبراً لزوجته حزناً عليها وتخليداً لذكراها. أما عنصر الأثر فيمثله آثار ومزارات شهرتها طغت على القصة مثل المسرح الروماني في روما، وقصر الحمراء في غرناطة، فهذه مزارات لا تحتاج لقصة تسوقها فهي أثرٌ طغى على المدينة، وتحتاج لإبراز أكثر للاستفادة منها في تسويق المدينة.
وهناك عنصر يمكن إضافته في عملية تسويق المدن، وهو عنصر النجم أو المثال، وهذا المثال ممكن أن يكون من أهل المدينة أو خارجها. فمدينة نابولي لا يمكن الإشارة إليها دون أن تأتي صورة الأسطورة الأرجنتينية مارادونا وجدارياتها الشهيرة بصوره في مخيلتك، وكذلك مدينة توزر التونسية مسقط رأس شاعر تونس الكبير أبو القاسم الشابي، فهذه نماذج لمدن استطاعت من خلال نجومها تسويق نفسها.
لدينا في المملكة قصص بالإمكان استغلالها في عملية تسويق المدينة، مثل قصر المصمك في الرياض، وقصته كمبنى وحدث من خلال ترويج قصة فتح الرياض على يد المؤسس ورجاله -رحمهم الله- جميعا. أما نموذج الأثر الذي يحتاج إلى إبراز فاعتقد أن موقعاً مثل أخدود نجران نموذجاً مناسبا لذلك. وتتميز حائل بأمرين اثنين يمكن من خلالهما تسويق المدينة، أولها أسطورة جبلي أجا وسلمى، والتي تحكي أن رجلاً اسمه «أجا» عشق فتاة أسمها «سلمى»، رفض أهلهما تزويجهما فهربا إلى الجبلين وهناك تم القبض عليهما وقُتلا وسمي الجبلان باسميهما، وثانياً فكرة المثال ويمثلها حاتم الطائي، وارتباط صفة الكرم بأهلها من خلاله.
أخيراً...
المنافسة بين المدن شديدة، فنحن وسط عالم ملئ بالمنافسة ويعيش على التحديات، الأمر ليس سهلاً، ولكنه ليس مستحيلاً.
ما بعد أخيراً...
أغلب المدن لديها قصة..
ابحث عنها...
فإن وجدتها.. ستكون مدينتك هي القصة!...