علي الخزيم
= سأحكي عن تجرِبة مَحليّة جديدة نسبيًا؛ ذلكم إني قد تمتعت مؤخرًا بعدد من الرِّحْلات عبر قطار الخطوط الحديدية السُّعُودية (سار)، وقلت إني (تمتعت) وأنا أعني هذا حرفيًا -كما يقال- فبالمقارنة مع تجارِب مماثلة بدول أخرى كما في أوروبا مثلًا وجدت ألّا فروق لافتة منذ البَدء بالتفكير بالرحلة مرورًا بإجراءات حجز المَقْعَد حتى محطة الوصول، فلن تجد سلبيات يَصِح تسجيلها باعتبارها مزعجة أو غير منطقية، وهذا يبدو لي بأنه من معايير النجاح، ولا أقول الكمال؛ كما يلزم المُتأمِل أن يُراعي الفروق بالعادات وطبائع المجتمعات ونحوها خلال المقارنة.
= وسأسرد على عُجالة بعض الملامح مِمَّا أدركته وحضر بذهني خلال تلك التنقلات عبر (سار) وربما غاب عن بالي أهم من كل هذه الملاحظات مِمَّا يفيد المتلقي، لكنها اجتهادات غير متخصص أراد أن يُشيد بكل إنجاز تُحققه بلاده على يد شباب الوطن في ظل رعاية وتوجيهات القيادة الراشدة المخلصة التي لا توفر جهدًا بسبيل رَفَاهيَة المواطن والمقيم، ولتحقيق سبل جودة الحياة بما يُسايِر عاداتنا وتقاليدنا؛ ولا يَثلم سمعتنا بصفتنا بلد عربي مسلم.
= عن ضبط المواعيد أرى أنها محل الإشادة وأن الجهد واضح للتمسك بهذا المبدأ والشعار؛ غير أن ظرفًا قد يطرأ أحيانًا ليُخلِف الموعد لما يقارب الدقائق الخمس لا غير، وهذا بنظري مقبول إلى حد ما إذا ما وضعنا بالاعتبار ظروف بعض مستقلي الرِّحْلة مِن المُسنين والمرضى وذوي الاحتياجات الخاصة، ومن ثم يُضاف إليها ثقافة الالتزام بالمواعيد التي قد يجد البعض عوائق تضطره لذلك، والمسئولون عن الرِحْلات -بارك الله بهم- يدركون الأمر ويسارعون بالحلول.
= نظافة العربات والمقاعد جيدة جدًا، وأسلوب الضيافة بدرجة الأعمال ـ تبعًا لتجربتي ـ جيدة؛ وقد تكفيك لَبَاقة وقيافة المضيفين بداية من مداخل صعود العربات إلى أن تأخذ مقعدك؛ فهم يتمتعون بحِس وذوق رفيع ولطف بالتعامل مع الركاب، ولا يسأمون ولا يبدو عليهم الضِّيْق من تساؤلات واستفسارات البعض، أما تعاملهم مع المسنين وذوي الاحتياجات الخاصة فهو مِمَّا يدعو حقًا للشكر والإشادة، وأشير إلى أن لهذه الفئة مقاعد خاصة تناسبهم!
= مطعم جيد ودورات مياه نظيفة وشبكة الإنترنت لا بأس بها، وتتوفر مقصورة لمن يرغب النوم خلال الرِحلات الطويلة أو يحتاج لذلك، ويتم تعيين الطلب عند الحجز للرحلة؛ وتدخين السجائر ممنوع قطعيًا كما هو مُتبع على وسائل النقل الأخرى، ومن ملاحظاتي العابرة: أرى أن من المهم والضروري ألا نستقل وسيلة مواصلات قبل أن نتعرف على الأنظمة والقوانين والاشتراطات اللازمة والمُتّبعة؛ فنقص الإلمام بها يوقع البعض بتصرفات قد تُعرّضه للملامة والمساءلة.
= وفي ظل كل هذه الإيجابيات والراحة داخل عربات (سار)؛ ولما تحققه من درجات عُليا من السَّفر الآمن والحَد من حوادث الطرق عند السفر بالسيارات: فإن المتداول اجتماعيًا الرغبة بتعميم المحطات وخطوط الوصول لمدن المملكة كافة، ولهذا كان اختيار التّمتع بالرحلة على متن قطار سار لمن يستطيع ذلك أوفر للوقت والجهد وأطيب استمتاعًا بالرحلة.