د. إبراهيم بن جلال فضلون
هل أتاكم حديث «إعصار الملح» أو«Salt Typhoon»؟، تبدو (ماما أميركا) المترنحة، في مواجهة حرب من نوع مغاير، كونها الأخطر على داخلها قبل خارجها الملتهب من مواقفها السيئة في إدارة الدفة، ولاسيما في حرب غزة ومساندتها لإسرائيل، وأوكرانيا، لتصبح أشد خطراً على النسيج المجتمعي، الذي باتت تحكمه «العدائية والكراهية»، ففي خضم الانتخابات الرئاسية الأميركية، تتجه أنظار الأجنة في البطون قبل الساسة والمتخصصين نحو المرشحين الرئيسيين، كامالا هاريس ودونالد ترامب، لتحديد من يمكن أن يحقق الاستقرار العالمي وعدالة الله، ويعزز النمو الاقتصادي في الأسواق وينقذ سمعة أميركا في العالم، فماذا لو فاز ترامب.. أو فازت كامالا؟
التنافس الحاد، أظهر أن خطراً حقيقياً يتهدد عالمنا، ما دامت هذه النماذج بأفعالها، هي المتحكمة في القرار المصيري للنسيج الأميركي والدولي، ولاسيما وسط حروب، في أهم منطقتين حيويتين من العالم، أوروبا والشرق الأوسط. فترامب قدم القدس والجولان وثلث الضفة الغربية هدية لإسرائيل، وكأنها شقة من برجه الخاص؟، ليخوضنا السباق لأسوأ انتخابات بأميركا.. كالتي هددت بحرب أهلية عام 1876 أثارت استياء كبيراً، ولقبه عدد مهم من المؤرخين بالاتفاق السيئ الذي أطاح بسمعة انتخابات (ماما أميركا)، وعرفت بعصر إعادة الإعمار وانتهت باتفاقية عام 1877 السري، حيثُ اختلف الجميع حينها حول نتائجها في (ولايات كارولينا الجنوبية ولويزيانا وفلوريدا)، وقد أسفرت عن وفاة ما لا يقل عن 600 ألف أميركي، في مواجهة على منصب الرئيس الـ19 للبلاد بين المرشح الجمهوري روثرفورد هايز والديمقراطي صامويل تيلدن، لخلافة الرئيس المنتهية ولايته يوليسيس جرانت، ومع جمعها، مثلت كل هذه الأصوات المشكوك في صحتها، 20 صوتاً بالمجمعات الانتخابية، فكانت بذلك كفيلة بقلب موازين الانتخابات وحسمها لصالح هايز.
اليوم تبدو واشنطن أمام تبعات واستحقاقات مخيفة، جميعها، ستؤثر سلباً على الواقع الأمريكي ومكانته الخارجية، وتستدعي سلاح المعلومات في شن غاراتها في العالم الافتراضي، لتصل تأثيراتها على الناخبين الأميركيين؟، حيث لم تفلح المواجهات بين الحزبين والتلاسنات، فكثير من تقييمات الاستخبارية الأميركية تشير إلى أن المخاوف من العنف القادم الذي بلغ عنان السماء، خاصة من جهة «الأناركيين» و«اليمينيين»، وغيرهم من الذين يحملون عداءً واضحاً للحكومة الأميركية والسلطات النظامية.
وهنا أتذكر مقولة تُنسب إلى فرقة فودفيل، من القرن الـ 19، غالباً ما تستخدم لتقييم المزاج السياسي السائد بأميركا المتوسطة: «انظر كيف تسير الأمور في بيوريا!».. فقد تبدو الحرب السرية مأزقاً حقيقياً لأميركا، خصوصاً في ظل النمو الهائل لمنصات التواصل الاجتماعي.. لكن المؤكد أنه يجعل الديمقراطية الأميركية عرضة لمكائد الأنظمة الشمولية وغيرها من الجهات الفاعلة السيئة.. فأهمية الانتخابات المقررة في الـ5 من الشهر الحالي، تكتسب أهمية مضاعفة نظراً للتباين الحاد في مواقف وآراء المرشحين المتنافسين تجاه كل القضايا العالمية بدءاً من الصراعات الجيوسياسية في الشرق الأوسط وحتى الحرب الروسية في أوكرانيا، مرورًا بالتغير المناخي وحرية التجارة العالمية وحقوق الإنسان, وكُلها تداعيات حتمية لاختيار الرئيس الأميركي المقبل قد تجعل من غير العدل أن ينفرد المواطنون الأميركيون بالتصويت في هذه الانتخابات، في حين لا يدلي باقي العالم برأيه فيها.