د. إبراهيم بن جلال فضلون
في عالم الغاب لا قانون ولا بقاء إلا للأقوى، وقد وصفوا عالمنا العربي بالأدغال وهُم الفردوس.. نحن «عالة» عليهم لا حق لنا بالعيش، وهم سادة، هم لا عهد لهم منذ الأزل، وكم خانوا أنبياءهم فدمرهم الله تدميرًا، ولا كلمة لهم صادقة، فها هي دولة الاحتلال بمشاركة الهالة الأمريكية والغرب دمرت ما حولنا، فهل عالمنا العربي يفهم ذلك؟، لا لأننا مسالمون لكن إذا فرض علينا الأمر نحن أسود ذودا عن أرضنا وعرضنا.
لقد قالوا.. أوروبا المتميزة «حديقة»، والعالم من حولها «أدغال»، والحق عكسياً، إذ أصبحت أوروبا حديقة لأنها نهبت الأدغال لقرون أيها العبثي «جوزيب بوريل»، نحن نمتلك حُريتنا التي خُلقنا بها، فما سلبتموه من أراضينا بالاستعمار، لن يعود، فعندما تقول أو يتشدق غيرك بأن أوروبا تفكر بـ»الغزو مرة أخرى لأجل الموارد»، نحن نشفق عليكم لأن هذا الشتاء (حديقتكم ستتحول إلى كتل من الجليد بدون الغاز).. وعندما تتجرأ إسرائيل على حدود عروبتنا، فهي تفكر مليون مرة في عواقبها لوجود مقاتل مصري بجوار أشيائهم من دول الخليج كقوة سعودية إماراتية فاعلة، ردا على أفواه تتألم من حرب أكتوبر المجيد والسابع من أكتوبر بطوفان الأقصى، فهي تتوسع بتكنولوجيا لم تنفعها وإلا لنفعتها في القبة الحديدية التي تخترقها الصواريخ.. فهي لا شيء! إلا بمساعدة شيطاني الأرض «الأمريكي الغربي»، لتتجرأ على دول وشعوب لا حول لها ولا قوة، فقد أنهكت العراق وسوريا واستباحت لبنان وهتكت أعراضنا في فلسطين وغزة وما زالت تعبث في قوانين الغابة بلا احترام لمنظمات تمتلكها تلك الدول الوحشية، والآن تتلاعب بأجواء الدول لضرب إيران، لنجد غالانت وزير الدفاع الإسرائيلي يقول «كل من يحاول إيذاء دولة إسرائيل سيدفع الثمن».. هكذا قال ليتفاقم خطر اندلاع حرب نووية عالمية لا سيما وسط تصاعد الخلافات بين الاحتلال الإسرائيلي وإيران من جهة والغرب وروسيا بشأن أوكرانيا من جهة أخرى، وتراكم التهديدات والتلويح باستخدام النووي مراراً. وحال تكاملت شبكة الحرب سنرى خلال 72 دقيقة استطاعة الدول الثلاث والمسلحة نووياً من قتل المليارات من البشر، بينما يبقى الباقون يتضورون جوعاً على أرض مسمومة حيث لم تعد الشمس تشرق ولم يعد الغذاء ينمو.. وهكذا ضربت إسرائيل بالتكامل مع أمريكا (العمياء أو المتخبطة وهي على أبواب انتخابات مرتهلة) إيران دون حسابات للمواقع النووية الإيرانية.. لكن لا نعلم هل ترد إيران بسرعة أم سترد كعادتها بعد أسابيع؟..
وكما لإسرائيل آلياتها الإعلامية في الضربات الأخيرة، وحجم المعلومات التي خرجت في كذب من دقة الاستهدافات التي لم تؤت ثمارها، بل كانت فاشلة بمعنى الكلمة وكأنها تنسيقية بين الجميع، بل أشبه بتمثيلية او فيلم بإخراج أمريكي، فلإيران هالاتها المخيبة الذي لم ير من رشقاتها الصاروخية على إسرائيل قتيلا واحدا أو مصابا إسرائيليا.. مهّدت إسرائيل لعمليتها بإزالة المعوقات أمام طائراتها الحربية، فهاجمت الدفاعات الجوية في جنوب سوريا، خلال الأسبوع الماضي، لتعتمد تل أبيب على خط الأجواء السورية ثم العراقية، واستهداف إيران من وسط العراق، بعد رفض كل من السعودية والأردن فتح أجوائهما للطائرات الإسرائيلية، بطائرات حديثة استهدفت مواقع عسكرية، بعيداً عن استهداف أي منشآت نووية أو طاقوية إيرانية، للتخفيف من ردة الفعل الإيرانية. لقد برز إلى الواجهة قدرات الجيشين الإسرائيلي والإيراني، كونهما على صدارة المواجهة المباشرة بعيداً عن حروب الوكالة المختفية ليرتد طوفان غزة حرباً على إيران، فعلى صعيد الميزانية العسكرية، تنفق إسرائيل 23.41 مليار دولار سنوياً على جيشها متفوقةً على إيران التي تنفق 6.86 مليار على جيشها.. وفي المقابل تتفوق إيران بعدد القوات المسلحة بواقع 587 ألفاً مقابل نحو 170 ألفاً لإسرائيل، وتتفوق إسرائيل جوياً بعدد الطائرات (339 طائرة إسرائيلية مقابل 334 إيرانية)، بما في ذلك 50 طائرة «إف-35» أمريكية الصنع تمتلكها تل أبيب، وهي تعد الطائرات الأحدث في العالم. وبحرياً تمتلك إيران نحو مائة قطعة بحرية بما فيها 19 غواصة، مقابل 67 قطعة بحرية إسرائيلية بينها 5 غواصات.. أما صاروخياً تتفوّق إيران في عدد الصواريخ العابرة للقارات، بواقع 3 آلاف مقابل 90 لإسرائيل.
كنا منذ ساعات يعيش معظمنا مُطمئني البال، أن بلاده لن تتعرض للغزو ليلاً بينما هم نيام، عكس أهل غزة وجنوب لبنان وسبقتهم سوريا والعراق.. فالعالم لم يعد جيوشاً وقبائل تُقاتل بعضُها بعضاً متى شاءت، بل تحولت لغاية الغرب بماسونية إسرائيل وأمريكا المدرسين نفسيا ومعها دعم سياسي واقتصادي وعسكري، فالسلامُ ليس مجردَ تأجيل مؤقت للحرب، كما كان في الماضي. تراجعت الفوضى إلى حد بعيد، وآخر حرب كبرى مضى عليها الآن نحو 80 عاماً، لكن مع ذلك، عالمنا ليس آمناً تماماً، كما نأمل. لنبدأ حربا شاملة لا يعلم العالم العربي مداها فكل على حدوده متعب في الشرق الأوسط حيث وضعٌ متدهور بين إسرائيل وحماس، ممتد الآن لإيران بإشراف أمريكي. لكن الأمر لا يقتصر عليهما، فهناك أطراف أخرى تُشارك في الصراع، كالميليشيات المدعومة من إيران في سوريا والعراق، وشهدنا بالفعل هجمات على الأردن، إضافة إلى تورط الحوثيين في اليمن.
لقد كذب البيت الأبيض والكونغرس الأمريكي في نقاش حيوي دار في الكونغرس الأمريكي بشأن الحرب بين إسرائيل وإيران، وحول فرص السلام في المنطقة. وهمّش الرئيس بايدن نفسه من خلال توفير الأسلحة لإسرائيل، ما سمح بتجاهل نداءاته، مما شجع ذلك نتنياهو على تجاهل بايدن والإفلات من العقاب. والنتيجة هي أن بايدن لم يرعَ السلام الإقليمي الذي يريده، بل على ما يبدو أنها حرب إقليمية، مع تعرض أمريكا لخطر الانجرار إليها..
وختاماً: يقف الجميع مرتعداً إذا العرب قد غضبوا والدرس السعودي لهم في أوبك + كان قاسياً، فهل يعي العالم قوة العرب التي كانت في حرب أكتوبر 73، وبوجود دول كبار كالسعودية والإمارات ومصر؟ حيث تمتلك مصر أقوى جيوش في المنطقة، والـ12 عالمياً، بينما تمتلك الدول العربية الأخرى ثروة اقتصادية هائلة، ورغم ذلك هل سيكون الدور العربي القادم فاعلاً وحازماً حال انجرت المنطقة إلى النيران.