عبد الله سليمان الطليان
الدراسات والأبحاث المتعلقة بالأنثروبولوجيا كثيرة جداً وهي مختصة بدراسة الإنسان من الناحية الاجتماعية والثقافية والحيوية والآثار، نشأت في الغرب منذ زمن قديم، اتخذت وسيلة للسيطرة على الشعوب واستعمارها خاصة بعد نظرية دارون (في الاصطفاء الطبيعي) بين الكائنات الحية التي من ضمنها الإنسان، فلقد عملت الدول الغربية الاستعمارية بقوة على بسط نفوذها في إفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية متذرعة بتطوير الشعوب المستعمرة ولكن الحقيقة هي من أجل نهب ثروات البلدان وكذلك استعباد تلك الشعوب.
يمكن أن نلاحظ أثر هذه النظرية في واقع الإنسان على مستوى النجاح والتطور في مجال العمل وكسب المال في الوقت الحاضر بين الشعوب المختلفة بنجاح جماعي أو فردي منتسب إلى عرق أو هوية معينة وهو يعيش في بيئة مختلفة عن بيئته التي نشأ فيها أو ارتحل إليها مع الزمن وحقق نجاحاً باهراً وأصبح يشار إليه بالبنان، وهذا ينطبق على الجمعات أيضاً.
مثال ذلك يتضح في أن التطور الذي شهدته تايوان وسنغافورة وهونج كونج وماليزيا يعود في الأساس إلى الصينيين الذين جاءوا إلى تلك البلدان ونشأوا فيها. كان هؤلاء مهتمين بدرجة عالية بالالتزام بضوابط العمل ومهنيته مما جعلهم يسيطرون على اقتصاد تلك الدول ويساعدون في تطوره، مع تحقيق النجاح لهؤلاء الصينيين كان تذمرا وتضايقا من قبل الشعوب الأصلية لتلك الدول على هذه السيطرة بالرغم من أنه لم يكن هناك استغلال لجهل شعوب تلك الدول وهذا يتضح من خلال تقدم اقتصاديات هذه الدول والدخل المرتفع، وهذا يمكن أن ينطبق على واقعنا نحن، نجد من يتذمر ويتضايق بوجود من هو في الأساس غير منتمٍ إلى مجتمعنا يحقق مكاسب أرباح مالية عالية، أقول قصص نجاح هؤلاء ليست مقصورة في مجتمعنا بل موجودة في كل مكان من العالم.
الأمثلة كثيرة نأخذ منها (أن علي العطاس من أصل يمني كان يشغل منصب وزير خارجية إندونيسيا من 1988 إلى 1999م) وكذلك (كارلوس منعم الرئيس الأرجنتيني تولى منصب رئيس في الفترة من 8 يوليو 1989 لغاية 10 ديسمبر 1999م كان من أصل سوري)، وهناك غيرهما من أصل لبناني، هذا على المستوى السياسي أما على المستوى الاقتصادي فهناك الكثير من رجال الأعمال العرب من حقق نجاحاً ليس مقتصراً على آسيا أو أمريكا الجنوبية، بل حتى في إفريقيا وأوروبا أيضاً. ويبقى أن التذمر والضيق في واقعنا من النجاح التجاري إلى من هو غير منتمٍ إلى مجتمعنا، وفشلنا في تحقيق مثل هذا النجاح يعود إلى سبب البيئة نفسها التي نشأ فيها الفرد لدينا إما منغلقة أو منفتحة، فقد تكون بيئة هي بعيدة تعيش منعزلة عن العلاقات مع الخارج، مهتمة بحياة معيشية تقوم على الرعوية والزراعة فقط، منصب تركيزها على التميز القبلي أو منفتحة على علاقات مع الخارج ولكن في أضيق الحدود وتفتقد إلى معرفة الأمور التجارية على الوجهة الصحيحة.