د. عيد بن مسعود الجهني
التاريخ اليوم في القرن الواحد والعشرين يسجل حرب روسيا على الجارة أوكرانيا، أي انتهاك سيادة دولة مستقلة بالقوة واستقطاع مناطق من تلك الدولة (أوكرانيا) وضمها للأراضي الروسية، وهذا خرق للقانون الدولي والأعراف الدولية واتفاقيات جنيف الأربع وميثاق الأمم المتحدة ومجلس أمنها صاحب الفيتو (اللعين) الذي أحد أعضائه الخمسة روسيا التي ورثت (كرسيها) من الإتحاد السوفييتي (السابق) الذي انهار عام 1991.
الأخطر أن الرئيس بوتن فور أن أعلن ضم بعض الأراضي الأوكرانية لبلاده بادر سريعا ليعلن أن أي اعتداء عليها سوف يعتبره إعتداء على الأراضي الروسية وسيكون الرد (بالسلاح النووي)، وهذا يوضح العقيدة النووية الروسية التي تتكون من حالات أربع توضح استخدام السلاح النووي: إطلاق صواريخ بالستية ضد بلاده، استخدام السلاح النووي ضد روسيا، الهجوم على موقع للأسلحة النووية الروسية، أي عدوان يعرض البلاد للخطر.
معهد إستكهولم الدولي لأبحاث السلام وطبقا لإحصاءات 2021 يشير إلى أن عدد الرؤوس النووية في العالم أكثر من (13) ألف رأس نووي، وبعض التقديرات تذهب إلى القول بأنها تبلغ (15) ألف رأس نووي من بينها (3825) رأس نووي معد للإطلاق، وهناك إحصائيات أخرى تقدر قوة روسيا النووية بأكثر من (8000) ثمانية آلاف وأمريكا بأكثر من (7000) سبعة آلاف رأس نووي، ناهيك أن دولا مثل الصين وبريطانيا وفرنسا وإسرائيل والهند وباكستان وكوريا الشمالية، مخازنها مليئة بالقوة النووية.
وحقيقة الأمر في المشهد العالمي الذي نعيشه بأن كوكبنا الأرض الذي نعيشه قد يكون على أبواب حرب كونية لاتبقي ولا تذر، فهو يمكن وصفه بأنه على برميل بارود، يخرج من رحمه حرب نووية تكون سببا لنهاية العالم.
ففي هذه الألفية الثالثة يشهد العالم نزاعات ومؤثرات وخصومات وعداءات وأزمات وصراعات وحروب ضروس في العديد من دول كوكبنا الأرضي، وإن كان تركزها في الغالب الأعم في ديارنا العربية مستودع النفط العالمي (57) في المئة من الإحتياطي النفطي الدولي وفي القارة السمراء، وأخيراً وليس الأخير القارة التي اندلعت من على أرضها حربين كونيتين فهاهي تشهد حربا ضروس تشنها روسيا على الجارة أوكرانيا، تجعل عالمنا اليوم قابلا للانفجار في أي لحظة في ظل لهيب هذه الأزمات الخطيرة والمعرجات والتصعيدات المشتعلة غير المسبوقة منذ الحرب الكونية الثانية.
وإذا كانت الحربان العالميتان قد أودتا خلال أكثر من تسع سنوات بحياة أكثر من (60) مليون إنسان، وبعض التقديرات تقدر من فقدوا حياتهم في الحربين الكونيتين بـ(85) مليون قتيل، فان حربا كونية ثالثة سلاحها ذري ستأتي على تدمير العالم بإنسانه وشجره وحجره خلال أيام معدودات.
وإذا أخذنا تصريحات السيد بوتن على محمل الجد التي مضمونها أن العالم سيواجه حربا كونية ثالثة، وأضفنا إلى ذلك تصريح احد أعضاء البرلمان الروسي بنفس المضمون، ورأينا واقع الحال على الأرض فروسيا احتلت أراضي أوكرانية بالقوة، وأوكرانيا احتلت جزءا من الأراضي الروسية، والحبل على الجرار، وإسرائيل تشن حربا ضروس على الفلسطينيين العزل ولبنان والعالم أذن من طين وأذن من عجين.
هذا شكل محاور جديدة كلها سلاحها ذري، فالولايات المتحدة ومعها أوربا شكلت محورا ضد روسيا للدفاع عن أوكرانيا، والصين وإن كانت على استحياء تدعم روسيا فأصبح الأمر نارا وشرارا.
وإذا قررت الصين ضم تايوان بالقوة فإن أمريكا ستدخل الحرب لتصبح مفاتيح الحرب الكونية الثالثة قد تحققت، وهنا سينكشف الدخان وستنطلق الصواريخ الحاملة للأسلحة النووية لتشمل جميع أنحاء العالم، وسيشهد العالم أن هذه الدول النووية قضت على الغالبية العظمى من البشر وتفني الحضارة الإنسانية وتعيد الحياة على الأرض إلى مئات السنين.
وحتى الناجون القلائل سيكونون في حياتهم على أرض قاحلة لاطعام فيها سوى الخراب والدمار.
إذاً، الوقائع تؤكد أن العالم يسير على طريق الفناء البشري وتدمير الحضارات، ولذا بدأ الحديث عن أسلحة الحرب العالمية الرابعة وأول الذين أدلوا بدلوهم (الداهية) انشتاين عندما سئل عن أسلحة الحرب الكونية الثالثة قال (لا أعرف) وعندما كرر عليه السؤال عن سلاح الحرب الكونية الرابعة قال (سلاحها العصي والحجارة).
والرئيس بوتن بلاده صاحبة أكبر مخزون من الأسلحة الذرية متقدمة على أمريكا العظمى، عندما سئل عن سلاح تلك الحرب كانت إجابته نفس إجابة اينشتاين بالحرف الواحد.
فالحرب العالمية الثالثة ستكون مدمرة للعالم والقارات والإنسان، مسح الحياة من على وجه الأرض، إعادة العالم إلى العصور المظلمة.
مثلا (قنبلة قيصر) الروسية التي صنعها الإنسان في أواخر الستينيات من القرن المنصرم، خلقت سحابة يبلغ ارتفاعها في السماء أكثر من (60) كيلو متر، وتبلغ قوتها (3800) ضعف قوة القنابل النووية التي ألقيت على الجزر اليابانية عام 1945 لتنهي الحرب الكونية الثالثة، وقد تطورت اليوم كثيرا هذه الأسلحة المدمرة، فبعض التقارير تحددها بـ(13000) وأخرى بـ(15000) رأس نووي، وهنا تبرز الكارثة الكبرى. إذاً، الجنس البشري يمثل له السلاح النووي خطرا محدقا وليس باستطاعة دول العالم أجمع بشعوبه وحكوماته تحمل خسائر حرب لاتبقي ولا تذر، تعلن بوضوح نهاية العالم.
حكماء العالم.. إذا كان هناك حكماء وعلماء (ذرة) يدركون تلك الخسائر.. التي تعني فناء الإنسان الذي كرمه الله وحرم قتله.
قال تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً} (الإسراء 70).