م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1 - العالم العربي يمور منذ مطلع هذا القرن بأحداث عظام.. هذه الأحداث تدعونا إلى التساؤل: هل سيشهد العالم العربي حراكاً أدبياً وفكرياً مثلما شهد بعد الاستقلال؟ حينما صعدت وهيمنت الحداثة كتجربة أدبية فككت المعاني، وبددت المفاهيم، وكسرت المألوف في اللغة، وعكست انتظام السياق، وتصادمت مع الواقع، وأعادت تشكيل الكلام.. فقد انفجرت في العالم العربي خلال الخمسينيات الميلادية تلك الحركة الأدبية التي قادت إلى البحث عن صياغة جديدة للشعر العربي من نواحي الوزن والتركيب والمواقف والرؤية.
2 - المرحلة الراهنة تستدعي أن ينهض الأدب العربي على المستويات كافة.. نهوضاً يفطمنا عن التعلق ببعض المرجعيات.. وينقلنا إلى حالة اكتشاف مَلَكَاتنا.. وتقديم لغتنا الخاصة في الفكر والأدب التي لا تقلد الآخر البعيد كما لا تقلد الآخر القديم.. لغة تنطلق في سبكها ومحتواها من أرض الواقع.. وتسمح للآداب والفنون أن تعيش تحولاتها مستقلة غير مرتبطة بالقديم ولا بالبعيد على حد سواء.
3 - مجتمعات المركز في العالم العربي تاريخياً هي التي احتضنت الحضارات الإسلامية في سوريا والعراق ومصر.. وهي تتعرض إلى حالة تدميرية شردت مجتمعات سوريا والعراق وأنهكت اقتصاد المجتمع المصري.. وسوف تحتاج إلى أكثر من جيل حتى تنهض.. ولا يوجد في العالم العربي اليوم دول جاهزة للريادة والاضطلاع بالقيادة الثقافية بمسافة كبيرة سوى المملكة.
4 - المملكة اليوم هي الأكثر تأهيلاً على المستويات كافة؛ البشرية، والاقتصادية، والتاريخية.. فهي مصدر الرسالة.. ورجالها هم الذين قادوا تأسيس الحضارات الإسلامية.. كما أنها من بقاع العالم القليلة التي تنعم بالاستقرار والتنمية الممتدة لأكثر من تسعين عاماً متصلة.
5 - تقود المملكة اليوم حركة النشر في العالم العربي.. فحسب مؤشر (سبكتيتور) تحتل المملكة المركز الثالث عشر في النشر على مستوى العالم.. وفي إحصائية صدرت من مكتبة الملك عبدالعزيز العامة فإن نصف ما ينشر من المحتوى العربي منذ مطلع هذا القرن هو سعودي المنشأ.. وإن دل هذا فإنما يدل على أن المرحلة الأدبية القائمة هي مرحلة المملكة العربية السعودية بكل وضوح.. وهذا يستوجب أن تقود المملكة الحراك الثقافي في العالم العربي صناعة ونشراً.
6 - إن الحراك الذي تقوده وزارة الثقافة اليوم يشي بأن المملكة آخذة بالاضطلاع بدورها المتوقع منها لتكون قائدة لصناعة الثقافة في المنطقة العربية للمرحلة المقبلة.