د. غالب محمد طه
شهر مارس شهر يحبه أهل التقييس والمواصفات كثيراً لأنه شهر الأعياد للمستهلك، فأيام التقييس تجمعت فيه وكأنه أيقونة للحب، حيث يبدأ بيوم المستهلك الخليجي الذي يأبى إلا أن يعانق يوم المستهلك العربي في الأول من مارس في وشائج من التعاون والتناغم، ويطل بعدهما بأيام يوم المستهلك العالمي الذي يصادف الـ15 مارس، وقبل أن يمضي الشهر إلا ونجتمع سوياً مرة أخرى، فرحاً، في اليوم العربي للتقييس 25 مارس.
إن ثقتنا في عمليات التقييس التي تقوم عليها مختلف الأنشطة الحياتية والاقتصادية مهمة جداً لحياة الفرد والمجتمع، فهي مهمة لاقتصادياتنا الشخصية والقومية لضمان منتجات وخدمات آمنة ومستدامة.
وتعتبر المناسبات والأعياد فرصة ثمينة لرفع مستوى الوعي حول المستهلك وإلقاء الضوء بكثافة علي حقوقه واحترامها.
فللمستهلك مناسبات، والأعياد متعددة تجهز لها ثياب متجددة وجاذبة للتوعية، توزع فيها باقات متنوعة من المعرفة، نحرص فيها جميعاً علي مراجعة حقوقنا كمستهلكين ونجدد فيها العهد والالتزام أن نكون لبعضنا أبواباً للمعرفة وتذكيراً لبعضنا بما سقط منا سهواً بفعل تعقيدات الحياة.
احتفلنا مع المستهلك في شهر مارس هذا العام، ونحن نذهب معه إلى السوق وهناك، ونقول له كل العمر وأنت مستهلك واعٍ ومدرك لحقوقك ونضع بين يديه رسائل وإشارات تجعله يجيد التمييز بين الغث والثمين، ونشاركه المناسبة وقد صارت التوعية أكثر تعقيداً في ظل عالم مفتوح ومنصات تدار بالذكاء الاصطناعي.
نهنئة وندعوه لمعرفة حقوقه فى المعرفة والأمان (حمايته من الإعلانات التي أصبحت تجتاح الأسافير ذات المعلومات المضللة غالباً وغير صحيحة) وحق الاختيار وحق الاستماع إلى آرائه وتنفيذها، وفي تطوير المنتجات والخدمات، وحق إشباع احتياجاته الأساسية، وحقه في التعويض، وحق التثقيف.
ونهمس له بحب، أن المواصفة أهم له من شراء المنتج الأرخص، حتى لا نكون سبباً في رواج تلك السلع الرديئة، ونحذره من مخاطر المنتجات غير الآمنة والتي يمكن أن يتفادى خطورتها عند الشراء من المتاجر التي تحرص على توفير منتجات مطابقة للمواصفات والمقاييس والتي تقدم له ضمانات على المنتج وتوفر خدمات ما بعد البيع.
نهنئه ونذكر بعضنا بأن المعيار الأفضل للشراء ليس دوماً للسلعة الأرخص بل أفضلية الشراء يجب أن تكون دوماً لتلك السلع المطابقة للمواصفات حتي يتم تحقيق المنفعة منها.
ولا بد هنا من الإشارة إلى تكريم منظمة الصحة العالمية للمملكة العربية السعودية ممثلة في الهيئة العامة للغذاء والدواء وحصولها على شهادة الاعتراف بخلو المنتجات الغذائية في المملكة من الدهون المتحولة الاصطناعية لتصبح بذلك المملكة ضمن أول خمس دول تحصل عليها، الأمر الذي يؤكد تعزيز النمط التغذوي الصحي للمجتمع، ويسهم في تسويق المنتجات الغذائية التي تصنع في المملكة دوليًا لكونها تتميز بخلوها من الدهون المتحولة الاصطناعية ويعزز الوقاية ضد المخاطر الصحية، ويسهم في التمكين لمجتمعٍ حيوي ينعم بحياة صحية.
ونختم القول بالتأكيد على أهمية التقييس بشكل عام على الحياة وضرورة الالتزام به من قبل كل الفئات لإحياء قيمة إسلامية جاءت على لسان عربي مبين {وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} صدق الله العظيم سورة الأسراء الآية (35) فقد أكد أهميتها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حديث أبي هريرة: أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- مر على صبرة طعامٍ، فنالت أصابعه بللًا، فقال: ما هذا يا صاحب الطعام؟، قال: أصابته السماء يا رسول الله! قال: أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس، «من غش فليس مني» وجاء ذلك لكراهيته -عليه الصلاة والسلام- في الغش فى البيوع.
كل عام وأنت مستهلك واعٍ ومتمكن وملم بالقوانين للحفاظ على حقوقك، كل عام ونحن أقوى معرفة بحقوقنا. وكل لحظة ونحن نهتم ونعمل بالإرشادات المتخصصة والاستفادة منها من أجل تنمية مستدامة.