خالد بن حمد المالك
بعد قرار مجلس الأمن، وقرار المحكمة الدولية، لم يتغير شيء، فإسرائيل تواصل حرب الإبادة في قطاع غزة، ولم تذعن لقرار مجلس الأمن بإيقاف القتال خلال شهر رمضان، وأمس أعلنت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن مقتل 200 من الفلسطينيين داخل مجمع مستشفى الشفا ومحيطه، واحتجاز 900 للتحقيق، واعتقال 500 قبل انسحاب قواتها، فيما لم تستجب أيضاً لقرار محكمة العدل الدولية بأخذ التدابير اللازمة، وقوانين الحرب، والابتعاد عن ممارسة حرب الإبادة.
* *
وإسرائيل مع مواصلتها قتل المدنيين، لا زالت تلصق بهم تهمة ما تسميه بالمخربين، حتى تفلت من الإدانة بأنها تقوم بحرب إبادة بقطاع غزة، مُنتهكة بذلك كل أعراف وقوانين الحروب، دون أن تجد من المجتمع المدني من يقوّم مجازرها، وانتهاكاتها، ووحشيتها ضد المدنيين، متذرعة بأنها تدافع عن نفسها، وهي الدولة المحتلة التي ترفض الاعتراف بحقوق الفلسطينيين.
* *
ويُجمع الإسرائيليون على أن رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو يرفض إيقاف القتال، ويرفض إجراء انتخابات مبكرة، ويمانع في تقديم استقالته، هروباً من محاكمته على جرائم لا يُؤجل تنفيذها إلا باستمراره على رأس السلطة في إسرائيل، رافضاً ما تطالب به المعارضة ورئيسها لابيد، من أن عليه أن يستقيل، وأن تُجرى انتخابات مبكرة، بعد فشل حكومة الحرب في إدارة المعركة على مدى ستة أشهر، وعدم قدرتها على تحرير الرهائن.
* *
وبينما تسجل إسرائيل خسائر كبيرة من أفراد جيشها بين قتيل وجريح، ولم تستطع أن تحرر أي أسير لدى حماس، أو تستدل على أماكن احتجازهم، فإنها لا زالت تعتقد أن حماس سوف تستجيب لشروطها بإطلاق سراح الرهائن، وهو ما لن يحدث دون انسحاب إسرائيل من قطاع غزة، وعودة السكان إلى الشمال، وفتح المعابر لدخول المؤن، وإيقاف القتال بحسب تصريحات المسؤولين في حماس.
* *
صحيح أن كل يوم يمضي يفقد فيه الفلسطينيون العشرات من الأبرياء، وأن إسرائيل تهدد باجتياح رفح بين يوم وآخر، مع علم تل أبيب أن التفكير بإبرام أي صفقة لتبادل الأسرى لا تأخذ بالاعتبار مطالب الفلسطينيين لن يكتب لها النجاح، وأن حماس ليس أمامها إلا التشدد، والتصلّب وإملاء شروطها، ولن تفرط بورقتها الرابحة وهي الرهائن، لأن القبول بإبرام الصفقة مع مواصلة إسرائيل لحربها، معناه أن إسرائيل حققت أهدافها، دون أن تحقق حماس سوى جر الفلسطينيين إلى هذه الخسائر الموجعة، والمستقبل المظلم.
* *
ومع كل هذا، فإن موقف أمريكا والغرب، موقف مريب، ومتآمر على القضية الفلسطينية، وما يعلنه البيت الأبيض أحياناً غير ما يخفيه، وإسرائيل تقتل الفلسطينيين بأسلحة أمريكا والغرب، وتجد الحماية من أمريكا ضد قرارات مجلس الأمن، ومحكمة العدل الدولية، وتُشرّع لتل أبيب الحق فيما تقوم به من جرائم وحشية، وتوافق إسرائيل على تجويع الفلسطينيين ليموت منهم مَنْ لم يمت بالسلاح الأمريكي والغربي، حتى وإن ابتكرت أمريكا لذر الرماد بالعيون إنزال المؤن جواً، وبناء مدخل من البحر تحت إشراف السلطة الإسرائيلية لإيصال المواد للقطاع، بعمل مخادع، لمنع وصول الغذاء والدواء والمحروقات من المعابر المعتادة، وخاصة معبر رفح في الجانب المصري.