خالد بن حمد المالك
لم تستجب إسرائيل لقرار مجلس الأمن بإيقاف القتال خلال ما تبقى من أيام شهر رمضان، وواصلت حربها في غزة، ونفذ رئيس وزراء إسرائيل وعده بأنه سيواصل الحرب دون النظر إلى ما قرره مجلس الأمن، وهو موقف متوقع وغير مستغرب، ولن يكون هناك ردّ فعل من مجلس الأمن كون القرار خلا من أي تدابير مُلزمة.
* *
ومع أن الولايات المتحدة لم تستخدم حق النقض لإفشال القرار، بالتزامها الصمت دون تأييده أو رفضه، إلا أن الموقف الأمريكي من الحرب ومن دعم إسرائيل لم يتغير، فقد أوضح البيت الأبيض بأن سياسة أمريكا وموقفها سيظل كما هو، أي الوقوف مع إسرائيل في حربها، دون النظر للموقف الإسرائيلي المُندّد بعدم استخدام أمريكا لحقها في إفشال القرار، وسوء فهم تل أبيب - بحسب البيت الأبيض- بأن في هذا تغييراً بالسياسة الأمريكية لأول مرة منذ الحرب البرية في غزة.
* *
السؤال: ماذا لو كان من يرفض الاستجابة لقرار من مجلس الأمن غير إسرائيل، هل سيلتزم مجلس الأمن الصمت، ويقف متفرجاً على إهانته، وتجريد قراره من أي قيمة، وبالتالي إضعاف دور المجلس الذي يفترض فيه أن يكون صمام أمان للسلم والاستقرار في العالم، وحارساً أميناً على حقوق الشعوب والدول من تجاوزات الدول الإرهابية المتمردة مثل إسرائيل؟!
* *
وماذا لو كانت أمريكا تتبع سياسة التعامل مع التطورات والأحداث في العالم بالوقوف على مسافة واحدة من الجميع، لا كما تفعل مع إسرائيل بانحياز ظالم ضد حقوق الشعب الفلسطيني، وهي من يفترض فيها أن تستخدم قوتها ومكانتها في إرساء وحماية القوانين المنظمة للتعايش السلمي بين الدول والشعوب؟!
* *
وماذا لو مارست الصين، وهي الدولة العظمى المهيأة لتكون في المستقبل الدولة الأولى في العالم دورها بالتعاون مع الدول المحبة للسلام في فرض الموقف المناسب الذي يتسم بالعدل والإنصاف، ومنع الجرائم والحروب والتسلط الذي تراه رأي العين في غزة بدعم أمريكي غير مسبوق لإسرائيل؟!
* *
أسئلة تأتي ولا تتوقف من رحم المؤامرات والاستعمار والظلم والقهر وحق الشعوب في أن تنال حياة حرة مستقلة، فلا تجد من ينصف المظلومين، وينتصر للحق، ويقف إلى جانب من سُلبت أرضه، ونُكّل بالأحرار من مواطنيه، دون سبب، ومن غير مبرر، وهو ما نشاهده ونراه بالقوة الجبرية التي تقوم بها إسرائيل وتمارسها مع الفلسطينيين.
* *
السؤال الأخير: إلى متى وإسرائيل تحتل الأراضي الفلسطينية، وتذل الشعب الفلسطيني، وترفض قيام الدولة الفلسطينية، وتمارس كل أنواع وأصناف التعذيب للشعب الذي تحتل أرضه، وإلى أين ستقود حرب غزة، مع إصرار تل أبيب على حرب الإبادة والتطهير العرقي، مدعومة من أمريكا والغرب في إنكار واضح لحقوق الفلسطينيين في دولة عاصمتها القدس؟!
* *
قرار مجلس الأمن الأخير امتحان للمجتمع الدولي بدوله ومؤسساته وأنظمته، وعليه الآن وليس غداً أن يمارس دوره، وإن لم يفعل، فلن يكون هناك تعايش بين الدول والشعوب، وستظل الحروب والنزاعات هي سيدة المستقبل، والله المستعان.