د. علي القحيص
تربطني بالأستاذ الراحل تركي السديري، «رحمه الله» علاقة عمل وزمالة طويلة وتحولت فيما بعد إلى علاقة أخوية وصداقة حميمية جداً، وأطلق عليّ عدة (ألقاب)، وحصلت بيننا مواقف كثيرة أثناء العمل والسفر وكتب عني أيضاً، واستمرت العلاقة أكثر من ثلاثة عقود، حتى رحل إلى جوار ربه، وربما أعرف عنه قصصاً ومواقف وحكايات، لا يعرفونها عنه أقرب المقربين!
وتعلمت منه الكثير سواء في العمل الصحفي أو الإداري.
وكذلك تربطني بالدكتور البروفوسور عبدالله الغذامي أيضاً علاقة أخوية ومراسلات وأيضاً علاقة صلة قربى من جهة (القبيلة) وهو لا يحبذها!
لأنه بفكره النير تجاوز هذه المرحلة وتعداها!
وقد ربطت العلاقة بين المرحوم تركي السديري والدكتور عبدالله الغذامي ممن تشرفت بمعرفتهما وهما عملاقان في الأدب والثقافة والإعلام، وممن تعلمت واستفدت منهما الشيء الكثير، وأعني بالعلاقة ما لفت انتباهي أن تركي السديري، يقحم في كل مقال له يكتبه في صحيفة (الرياض) مفردة (جزالة)، في فترة ما قبل الرحيل ويكررها مراراً وتكراراً، وتكاد تجدها في كل زاوية يكتبها بالرياض، وحين قلت له ذات مرة، يا أبو عبدالله.. مفردة (جزالة).. تكررها في مقالك متعمداً أم تأتي من ضمن (نسق)، سياقة المقال في زاوية (لقاء) اليومي في الرياض؟
قال اترك (النسق) هذه مفردة عبدالله الغذامي، يكررها في مقابلاته وندواته ومحاضراته، وكذلك في كتاباته الأدبية الصحفية كثيراً!
قلت يا أبو عبدالله تكرار (نسق) ليس أكثر من تكرار (الجزالة) معك؟!
قال... يا بدوي... ما بقي إلا أنت تعلمنا وش نكتب أنا والغذامي... (الله أكبر)... أنت أكتب عن العرضة والشعر النبطي والبعارين والخيل، قلت له تسمح لي أكتب بصحيفة «الرياض» عن فنون العرضة... وأشكال و(مجاهيم) و(مغاتير) فلان وخيول علان الأصيلة.. وقصيدة فلان وعلان... قال ايه لو حولنا صحيفة الرياض.. (مشيخة قبائل)!!
قلت له أبو عبدالله.. نحن الآن نمشي بحديقة فندق (اطلنطس) دبي العالمي، السويت فيه لليلة الواحدة بما يعادل راتبي الشهري!
قال لي تريد أن أزود راتبك يعني أو أخصم عليك لأنك انتقدتنا بطريقتك (الكاريكاتيرية) التي لا يمكن تتخلص منها حتى أتخلص من (الجزالة) والغذامي يتخلص من (النسق)!
وهنا ضحكنا معاً... وأنهينا الحديث بالتراضي، رحم الله الأستاذ تركي السديري، الذي كان ذكياً ولماحاً بالفراسة و(جزل) بالكرم، وأطال الله بعمر أديبنا الكبير الفيلسوف، الدكتور عبدالله الغذامي صاحب (النسق) الجميل، وهي العبارة المركزة، المكررة في مشروعه الثقافي النقدي بين (النظرية والتطبيق)!
** **
- كاتب سعودي