سهوب بغدادي
ارتبطت البرامج التلفزيونية النوعية بشهر رمضان، فمن منا لايذكر بابا فرحان وطاش ما طاش، على الرغم من محدودية الأدوات وقلة الموارد إلا أنها كانت ترقى لذائقة جميع الأعمار والفئات، فكان هناك وقت محدد للعائلة يقضونه أمام التلفاز بعكس مانعاصره اليوم، فالأغلب ينظر إلى هاتفه المحمول، من هذا السياق، أستذكر ظاهرة الفوازير الرمضانية، فلقد كان لها زخم ووقع مختلفان، مثل فوازير رمضان للصغار وفوازير مشقاص، أيضًا برامج المسابقات كتلك التي قدمها الدكتور سليمان العيدي، وسباق المشاهدين وأخيرًا حروف وألوف، ولا ننسى البرامج الدينية البديعة مثل على مائدة الإفطار للشيخ علي الطنطاوي - رحمه الله - نعم، لقد كان الهدف من الفوازير والمسابقات الرمضانية واحدًا، متمثلًا في الجائزة، إلا أنها كانت تحمل متعة غير مسبوقة وإثارة للتفكير باعتبار أن العمل يحمل حبكة فنية ابتداءً من السيناريو وكتابته إما على طريقة النثر أو الشعر من ثم تلحينه وغنائه، وصولًا إلى الأزياء والديكور، ليخرج عملًا متكاملًا على الرغم من تواضعه في الإمكانيات، ويبقى أثره بعدها لسنوات عديدة ويتغنى بألحانه الصغير قبيل الكبير، أما اليوم في ظل غياب الفوازير وخبوء لمعان المسابقات الرمضانية والمسلسلات نفتقد تلك الطقوس العائلية، إنه أمر محير! خاصةً مع تواجد كافة الإمكانيات التقنية والمادية وما إلى ذلك، فما الذي اختلف اليوم؟ عندما نبحر في منصات التواصل الاجتماعي نرى آلاف المسابقات من الجهات والأفراد إلا أنها باهتة بلا طعم أو لون و هدفها الصعود للترند وركوب موجة المشاهدات، لقد انتصف شهرنا الكريم ولم يلفت انتباهي أي عمل، وقد يشاركني الأغلبية الرأي بأن غياب كل من النجمين ناصر القصبي وعبدالله السدحان عن الساحة الرمضانية قد خلّف فراغًا كبيرًا لدى المشاهد السعودي، فلم يتبق لنا سوى الأعمال الأجنبية، بينما نحن بحاجة إلى أعمال تهمنا وتحاكي قضايانا وثقافنا وحياتنا، فهل ذهبت تلك الأعمال القريبة لقلب وفكر المشاهد السعودي أدراج الرياح؟ ربما سنغلق التلفاز في رمضان هذا العام.