د.عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب
يتوجه كبار المسؤولين التنفيذيين والوزراء في مجال النفط إلى هيوستن لحضور مؤتمر الطاقة العالمي الأول، ويحضره أكثر من 7 آلاف مشارك، وهو المؤتمر الذي يقام سنوياً منذ العام 1983 باستثناء عام 2020 بسبب جائحة كورونا نظمته ستاندرد آند بورز غلوبال يبدأ في 18 - 22 مارس 2024 تحت شعار تحول الطاقة متعدد الأبعاد، بالطبع ستهيمن على المؤتمر مواضيع الطلب والانتقال إلى الطاقة النظيفة وسط التوترات الجيوسياسية على المحادثات بين أصحاب الثقل في الصناعة في مؤتمر سيراوبك.
انحاز المتحدثون بشدة في سيراوبك 2023 نحو إعادة ترتيب الأولويات وفق فوربس فيما يتعلق بأمن الطاقة، وهو ما تؤكد عليه السعودية في كل مؤتمراتها باعتبارها تقود أسواق الطاقة في العالم، يذكر دانيال برغين نائب رئيس ستاندرد آند بورز غلوبال المؤتمرين أن هناك ميلاً نحو نسيان أمن الطاقة خاصة خلال الوباء عندما انهار الطلب وانهارت الأسعار ولم يكن الأمر مصدر قلق، لكن غزو روسيا أوكرانيا أحدث صدمات الطاقة واضطراباً في سلاسل التوريد، ونتج عنه التضخم وارتفاع أسعار الفائدة وهو ما يضع أمن الطاقة مرة أخرى على جدول الأعمال.
تدافع أوروبا وبشكل خاص ألمانيا على الغاز المسال من السنغال وقطر والولايات المتحدة بعد تدمير خط أنابيب نورد استريم 1،2 إلى جانب إعطاء الصين أولوية لأمن الطاقة على حساب أهداف المناخ، كذلك خصصت الهند في فبراير 2024 نحو 67 مليار دولار في توسيع وتحديث أنظمة توصيل الغاز، ما جعل برغين ينشر مقالاً تحت عنوان عودة أمن الطاقة.
سيكون بحث المؤتمر عن ذروة الطلب على النفط، إلى جانب الجغرافيا السياسية للنفط والغاز على عكس المؤتمرات السابقة التي هيمنت عليها معارك الحصص في السوق بين منتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة ومنظمة الدول المصدرة للنفط أوبك، لكن في هذا المؤتمر ستحل قضايا أمن الطاقة محل الحديث عن حروب الأسعار، ورغم الاضطرابات والتوترات الجيوسياسية فإن الأسعار مستقرة ويعود الفضل للسعودية التي تقود أسواق الطاقة تراوحت بين 75 و85 فهي تغذي الأرباح لكنها لا تضر النمو الاقتصادي.
اتجه العالم الغربي نحو رؤية طريق التحول في مجال الطاقة عندما انخفض الطلب وتراجعت الأسعار، لكن مع الحرب في روسيا عاد أمن الطاقة إلى طاولة المفاوضات من جديد، ويستمع الحاضرون إلى أحدث التوقعات من رؤساء كبار المنتجين بي بي وشيفرون وإكسون موبيل وأرامكو السعودية، وسينويك، وبتروناس، ووفق رويترز ستضغط وزيرة الطاقة الأميركية جينيفر غرانهولم ومستشار البيت الأبيض جون بوديستا على أهداف الإدارة المناخية رغم أن هذا العام سيكون عاماً انتقالياً إلى سوق الغاز.
رغم عودة الحديث عن أمن الطاقة في هذا المؤتمر، لكن لا تزال الفجوة بين توقعات وكالة الطاقة وأوبك ما يجعل أسواق الطاقة في متاهة تناقض تقديرات أوبك ووكالة الطاقة، ما يجعل المراقبين والمحللين وأسواق الطاقة يراقبون باهتمام ممزوج بالقلق تأثيرات اتساع الفجوة بين الجانبين التي شهدتها السنوات الماضية منذ عام 2008 بشأن الطلب العالمي والاستثمار في إمدادات الخام والغاز الجديدة والتحول الأخضر، فمثلاً توقعت وكالة الطاقة في فبراير 2024 أن يرتفع الطلب 1.22 مليون برميل يومياً بينما توقعات أوبك 2.25 مليون برميل يومياً.
ما يعني أن وكالة الطاقة ترى أن يبلغ الطلب ذروته في 2030 مع تحول العالم إلى وقود أنظف، وترفض أوبك هذا التصور وترى أن عام 2045 لن يشهد ذروة الطلب لأن هناك نموّاً خارج دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية يؤيدها 12 محللاً من بين 20 محللاً جرى استطلاعٌ لآرائهم، وتخضع توقعات الطلب على النفط مثل غيرها من التوقعات الاقتصادية التي تخضع للمراجعة، وتتأثر بعدة عوامل يستحيل أحياناً التنبؤ بها لأن ظهور بيانات الطلب الحقيقية تستغرق وقتاً طويلاً مما يصعب التحدي.
وجد تحليل لرويترز أن وكالة الطاقة خلال الفترة من 2008 - 2023 قللت من تقديرات إجمالي الطلب في توقعاتها المبدئية بنحو 56 في المائة مقارنة بنحو 50 في المائة في تقديرات أوبك وهو ليس فرقاً كبيراً، رغم ذلك استبعدت أوبك في مارس 2022 الوكالة كمصدر للبيانات، واعتبرتها في سبتمبر 2023 بممارسة دور سياسي، خصوصاً بعدما وجد عدد من المحللين أن وكالة الطاقة استعجلت في توقع وصول ذروة الطلب في 2030 وذلك نتيجة للنمو في البلدان النامية، وانتقد الغيص أمين أوبك إلى نشر وكالة الطاقة مذكرة نشرتها وجاء فيها أن صناعة الوقود الأحفوري تواجه لحظة الحقيقة وتحتم على المنتجين الاختيار بين تعميق أزمة المناخ أو التحول إلى الطاقة النظيفة وهو ما يقلل من قضايا مثل أمن الطاقة والحصول عليها والقدرة على تحمل تكاليفها، كما أنه يشوه سمعة الصناعة أنها وراء أزمة المناخ.