م. بدر بن ناصر الحمدان
«ما يحدث في الرياض، شيء لا يُصَدَّق»، بهذه العبارة وصف أحد خبراء التنمية الحضرية مشاهداته للعاصمة الرياض بعد أن تعايش معها على مدى أيام قليلة على هامش حضوره لأحد المؤتمرات العلمية، تجولنا في أروقة الرياض لساعات طويلة، وزرنا أهم المعالم التي يمكنها أن ترسم صورة ذهنية وبصرية عن العاصمة بقراءته هو كخبير حضري.
لفت نظري حقيقة فلسفته «المختلفة» في تحليل الشواهد الحضرية التي رصدناها، يقول إن الازدحام المروري في مدينة الرياض حالة مؤقتة وهي مرحلة مخاض للتحول الذي تشهده المدينة وسيتلاشى تدريجياً مع مرور الوقت واكتمال أعمال البنية التحتية وحوكمة الخدمات التي تتحكم باستخدامات الأراضي ورفع كفاءتها الوظيفية، وهو السيناريو الذي مرّت به عدد من المدن التي نشأت خلال الـ200 سنة الماضية.
التدخل الحكومي في معالجة بيروقراطية الإجراءات ومنح المشروعات الحكومية والقطاع الخاص الضوء الأخضر كان العامل الإداري الأكثر تأثيراً في تطوّر المدينة وتفوّق على مخرجات الخطط الحضرية في قيادة تحول مدينة الرياض، وهو نموذج مركزي «مبتكر» على مستوى الإدارة الحضرية من المهم تحليله والاستفادة منه كتجربة جريئة من متخذي القرار، هكذا كان رأيه بعد أن سألته: (في نظرك، ما الذي مكّن الرياض من هذا التحوّل السريع).
يقول إن مشاريع الدرعية والقدية والمربع ستكون قادرة على تفريغ مشاكل وسط المدينة من خلال خلق حزام تنموي سيعمل على توزيع معدلات التركز الحضري إلى الأطراف، وأن إضافة مشاريع مماثلة في جنوب وشرق المدينة سوف يساعد في تحقيق مستوى من التوازن وتنويع الأنوية الحضرية وسيمنح إدارة المدينة قدرة على التحكم بتشغيلها.
كان معجباً بثقافة الإنسان السعودي وأسلوب تعامله مع الأماكن من خلال مصادفته لهم خاصة في الأماكن العامة، ومستوى الذوق العام لمجتمع الرياض، وكان يرى أن ذلك قدرة كبيرة على التكيّف مع التغيير الذي حدث بالتوازي مع مرحلة التقدم التي تمر بها المملكة، أعجبتني أحد مفرداته حينما قال: «شيء ما تم اكتشافه هنا».
انتهى إلى أن الرياض تفوّقت بشكل تنافسي مذهل، تجاوز كل مؤشرات التطوير المتوقعة، وهذا حدث لأنها ركّزت على مفهوم «الإدارة من الأعلى»، الأمر الذي أدى إلى تطويع وتوظيف وتوحيد كافة الممكنات للانتقال بها إلى مرحلة تطوير «استثنائية»، يقول إنها لن تتوقف.