عبده الأسمري
نظر إلى الصلاح من «زوايا» منفرجة وتعامل مع «النجاح» من «وصايا» مبهجة فبنى أضلاع «السمعة» بأشكال «إنسانية» وأبعاد «مهنية» من نقطة ارتكاز «التقوى» التي أقام عليها «ركائز» الفلاح صاعداً إلى «معارج» العلا بروح تقية ونفس فتية سخرت «الفكر» في جني «الفوائد» وحصد «العوائد».
ما بين التجارة والمهارة والجدارة والإدارة بنى صروح «اليقين» ووظف طموح «التمكين» فأصبح «الأمين المؤتمن» في سجلات «الثقة» و»المكين المتمكن» في مساجلات «التوثيق».
اشتهر بالتنوع المشفوع بالمهام والتنويع المدفوع بالإلهام فكان «المتفق عليه» و»المحتفى به» في متون «التخطيط» وشؤون «التأسيس» وفنون «التنفيذ».
إنه معالي وزير التجارة السابق ومدير عام الخطوط الجوية السعودية الأسبق معالي الشيخ أحمد محمد صلاح جمجوم رحمه الله أحد أبرز رجال الدولة والمؤسسين والمؤثرين في مجال الصحافة والتنمية والقطاعين التجاري والخيري.
بوجه حجازي الملامح تسكنه ومضات الجد والود والزهد معاً وتقاسيم تتكامل مع والديه وتتماثل مع أخواله وعينين تسطعان حيث المهمة وتدمعان حين الرحمة تتوارد منهما لمحات «الفطنة» ونظرات «الحنكة» مع أناقة وطنية تعتمر الأزياء الأنيقة المتكاملة على محيا مسكون بالألفة والتآلف وشخصية وقورة تتجلى منها صفات الاعتبار وسمات الاقتدار وطيب المعشر وتواضع الجانب ولطف التعامل وحسن الخلق وسمو التواصل ورقي القول وجميل اللفظ وكاريزما فريدة مكتظة بالنبل والفضل وصوت جهوري تتلألأ منه «درر» التخاطب و»جواهر» الحديث مشفوع بخبرة قوامها «المناصب» ومقامها «القرارات «وحضور فاخر بالأثر وتواجد زاخر بالتأثير وسيرة ساطعة بالمآثر ومسيرة لامعة بالمناقب قضى جمجوم من حياته عقوداً وهو يملأ أرجاء «النماء» بوقائع «النفع» ويبهج أنحاء «الانتماء «بحقائق «الشفع» ويوزع «بشائر» الحسنى في منصات «الإنجاز» ويهدي «تباشير» الإحسان أمام «مواقع «الاعتزاز وينشر «الخير» في اتجاهات «الفضائل» ويؤصل «التقدير» في انعكاسات «المكارم» قيادياً وريادياً ومحسناً ووجيهاً ملأ اسمه «محافل» الوطن وغمر صيته «مواطن» المحافل.
في جدة العروس الزاهرة بزف «الفضلاء» إلى ميادين «المسؤولية» ولد عام 1925 في نهار ربيعي ملأ منازل أسرة «الجمجوم» المتجاورة في الأمكنة والأفئدة بعبير «المهجة» وأثير «البهجة» واكتظت الأزقة بالأهازيج الجداوية والأناشيد الترحيبية احتفاءً بقدوم «فارس» جديد إلى «كتيبة» العائلة المشهورة بإنجاب «البارعين» و»المبدعين»
تفتحت عيناه طفلاً على أصول «التربية» وفصول «التوجيه» أمام أب كريم يعتبر من سادة قومه وأم حانية متفانية من كريمات جيلها وارتهن إلى «تفاصيل» وصية عميد آل جمجوم التي سبرت «أغوار» ذاته صغيراً وكشفت «أسرار» تميزه كبيراً.
ركض صغيراً مع أقرانه في حارات جدة العتيقة المسجوعة بحكايات الطيبين وروائح الطين وتعتقت نفسه بنسيم «البكور» على نواصي الميناء العتيق وتشربت روحه نفائس «البخور» « في منازل البلد التليد.. واستمر يسجل في ذاكرته «الغضة» مرويات «التجار» بباب شريف وشارع الذهب وسوق الخاسكية فكبر وفي قلبه «رياحين «المكان وفي فؤاده «عناوين» الزمان.
أنصت إلى «صوت» الوجاهة وامتثل لصدى «النباهة» التي غمرت وجدانه وظل يكتب أمنياته في «كشكوله» الأول بعفوية الصغار وهوية الاعتبار وأصبح يرتب «مواعيد» الأماني على «أسوار» التفاني في «طرائق» أولى جناها في «حقائق» مثلى ظللت دربه بأفياء «المعروف» وجللت طريقه بأصداء «العرفان».
ظل يرتقب نداءات الرزق في صباحات «الكادحين» ومضى يراقب استثناءات «الفرح» في مساءات الفالحين
درس تعليمه العام وانتظم في مدرسة دار الفلاح ثم تحضير البعثات، وحصل على بكالوريوس الإدارة العامة من أمريكا.
عاد إلى أرض الوطن وفي يمناه قبضة الانتصار وفي يسراه تلويحة الاقتدار وتنقل في عدة وظائف وتم تعيينه وزيراً للتجارة لفترتين وشغل منصب مدير عام مصنع الأسمنت بجدة ومدير عام مصلحة الزكاة والدخل وتعين في منصب أول رئيس لمجلس إدارة الخطوط الجوية العربية السعودية، وشغل مناصب متعددة لاحقة ومنها مدير عام مؤسسة المدينة للصحافة.. وترأس إدارة جمعية تحفيظ القرآن الكريم بمحافظة جدة من عام 1407 إلى عام 1417هـ وهي جمعيته الأولى التي أسسها مع عدد من أعيان جدة ثم شغل مهمة رئيس مجلس إدارة الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بمنطقة مكة المكرمة حتى وفاته وقد ساهم فيها بشكل كبير وفاعل ونالت «التميز» على مستوى الوطن ودعمها بفكره وماله وساهم في توسعة حلقات ومراكز التحفيظ وانتشارها وكان من الداعمين لحفظة كتاب الله وسنة نبيه ومنافساتهم في المسابقات المحلية والدولية.
ارتبط اسمه بالصيرفة الإسلامية وترأس عدداً من البنوك الإسلامية وكان عضواً مؤسساً في عدد من الجمعيات الخيرية ودعم مشاريع خيرية داخل المملكة وخارجها.
ساهم جمجوم في سعودة الخطوط السعودية وأنشأ معهداً لتدريب الطيارين والمضيفين والمهندسين والإداريين فيها وكانت له مخرجاته المتميزة. وساهم في إنشاء أول جامعة أهلية في المملكة وفي مدينة جدة.
وقد شارك بفاعلية كبرى ومهنية عالية في كل القطاعات التي عمل بها وامتاز بالأمانة والإخلاص والنزاهة وفعل الخيرات وإضفاء المسرات وأسهم في تطوير وتميز كل القطاعات التي عمل بها نظير تمتعه بروح المثابرة وأسس المصابرة والتزامه بالقيم الدينية وارتباطه بالهمم الشخصية مما جعله أنموذجاً للمسؤول البارع ومثالاً للقيادي المبدع.
خدم القرآن الكريم وطلابه ومعلميه وظل طيلة أكثر من ثلاثة عقود وهو «ثاوياً» في أهل التحفيظ داعماً وعوناً ونبراساً وعنواناً لكل «إضاءات» الدعم و»إمضاءات» الاهتمام.
يعد من أركان «أسرة» جمجوم ومن أبنائها الذين رفعوا «راية» الانفراد وحققوا غاية «السداد» على مستوى العائلة وفي مقام المجتمع وفي منصات المسؤولية.
سطع نجمه في سماء «الصلاح» ولمع بريقه في أفق «الإصلاح» فكان «الفارس» المغوار الذي كسب «جولات» البطولة في إسداء الرأي وإبداء المشورة وحصد الصواب وفعل الخير حتى اقترن اسمه بالشفاعات وارتبط فعله بالطاعات لابساً تاج «الوفاء» وحاصداً وسام «الاستيفاء».
انتقل جمجوم إلى رحمة الله في يونيو 2010 وقد صُلي عليه بالمسجد الحرام، وَوُوْرِيَ جثمانه مقبرة المعلاة بمكة المكرمة ونعته وسائل الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة وكتبت عنه عشرات مقالات «التأبين» وخواطر «التعزية» وعبارات «العزاء» وإعلانات «النعي» ووصف رحيله بفقيد العمل الخيري والتنموي والتجاري وقد ترك «أصداءً» واسعة من البصمات المضيئة والومضات المشرقة في تاريخ «العطاء» وترسيخ» السخاء».
تشكلت سيرة أحمد صلاح جمجوم في «اتجاهات» منفردة على مستويات متعددة تضمنت «أفعالاً» حميدة و»مسالك» مجيدة في «براهين» كان شهودها «الخلائق ودلائل ظل رهانها «الحقائق».
أحمد صلاح جمجوم وجه العلا ووجيه المعالي رجل الدولة وعقل المرحلة وبطل العائلة الذي تأثر بموجبات «الفكر القويم» واستأثر بعزائم «الشكر المستديم» ليكون اسمه ضياءً في ثنايا «الذاكرة» وإمضاءً في «عطايا» الاستذكار.