سلطان بن محمد المالك
بعد أن انتهت خمسة أيام حافلة بالأنشطة والفعاليات الأسبوع الماضي لمعرض الدفاع العالمي 2024 الذي احتضنه مركز الرياض للمعارض والمؤتمرات في ملهم، أكتب هذا المقال ولقربي من الحدث لأحكي قصة نجاح عالمية ومبعث فخر لكل سعودي وسعودية يعيش في أرض هذا الوطن الغالي. نبارك ابتداءً للوطن وقيادته هذا النجاح الكبير، إذ استطاع المعرض وخلال مدة وجيزة لم تتجاوز الـ 4 سنوات أن يضع بصمة واضحة لمكانة المملكة كمحرك رئيس لصناعة الدفاع العالمية، ومتجاوزاً بذلك من حيث الأرقام والمؤشرات على أكبر المعارض العالمية المتخصصة في الدفاع والأمن سواء في المنطقة، أو في العالم مثل معرض فانبره ومعرض دي اس أي في بريطانيا، ومعرض يورو ساتوري في فرنسا وغيرها من معارض الدفاع العالمي ذائعة الصيت والتي تواجدت في المشهد لسنوات طويلة تتجاوز أربعة عقود.
القصة بدأت من توجيه قائد الرؤية سمو سيدى ولي العهد رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للصناعات العسكرية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بأن تنظم الهيئة معرضاً عالمياً للدفاع يكون من ضمن أفضل 3 معارض عالمية في العام 2030م، وقد تم العمل مباشرة بعد هذا التوجيه وبمتابعة مباشرة من مجلس إدارة الهيئة بتشكيل لجنة إشرافية للمعرض، ويعمل تحتها لجنة منظمة تضم 26 جهة حكومية ولجاناً فرعية أخرى من أجل إنجاح العمل، وتذليل العوائق. وبالفعل نجحت الهيئة بالعمل مع كافة الشركاء في تنظيم النسخة الأولى في العام 2022م بشهادة كل من حضر المعرض، وحينها لم تتوقّف الطموحات عند ما تحقق في النسخة الأولى، فقد وضعت اللجنة الإشرافية للمعرض أهدافاً جديدة ومستهدفات أكبر مما تحقق في النسخة الأولى، فانطلقت اللجان وفرق العمل في عملها واضعة نصب عينيها تحقيق الأهداف الطموحة الكبيرة في النسخة الثانية في العام 2024. تمت زيادة حجم مساحة المعرض من 65 ألف متر مربع إلى أكثر من 100 ألف متر مربع لتستوعب حجم الطلبات الكبيرة للمشاركة من العارضين من داخل المملكة وخارجها. وقبل 6 أشهر من انطلاق المعرض في نسخته الثانية تم الإعلان عن بيع جميع المساحات في صالات المعرض الثلاث، وتم الاعتذار عن استقبال الطلبات الإضافية للراغبين في استئجار مساحات.
المعرض الذي بدأ بفكر مبني على رؤية حكيمة تستشرف المستقبل، بات اليوم حقيقة وواقعاً ملموساً خلال مدة وجيزة جداً، وأصبح الخيار الأول للشركات العالمية المتخصصة في الدفاع والأمن، وبدأت الحجوزات للمعرض للنسخة الثالثة خلال انعقاد المعرض في نسخته الثانية.
إن قصة نجاح معرض الدفاع العالمي لا يمكن قراءتها بمعزل عن قصة المملكة بعزم قيادتها وعِظَمِ تطلعاتها في تتويج أي عمل تقوم به بنجاحات نوعية، إذ باتت المملكة اليوم وجهة واعدة لكل من يريد أن يكون جزءاً من قصة نجاح ملهمة. وبلغة الأرقام، تفوق المعرض هذا العام على نظرائه من المعارض العالمية، حيث زار المعرض 106 آلاف زائر، وشاركت فيه 773 جهة عارضة من 75 دولة، كما قام بتغطية المعرض في وسائل الإعلام المختلفة المحلية والعالمية أكثر من 950 إعلامياً. كما كان الرقم الذي أعلن عن حجم عقود الشراء كبيراً ويليق بحجم المعرض، إذ وصل إلى 26 مليار ريال مقارنة بـ 20 مليار ريال في النسخة الأولى.
كما شهد المعرض حضور عدد كبير من الضيوف والوفود الدوليين من وفود رسمية ورؤساء تنفيذيين لكبريات الشركات العالمية، إذ وصل إلى 441 وفداً رسميا ممثلين عن 116 دولة من قادة صناعة الدفاع والأمن ومن نخبة الشخصيات العسكرية والسياسية محلياً ودولياً، مما يؤكد على الدور المحوري والريادي الذي تمثله المملكة في استقرار المنطقة والعالم، وعلى ثقة الدول والشركات من الحلفاء والأصدقاء بدور المملكة الرائد في المساهمة بقيادة هذه الصناعة وتوجهاتها، حيث يمثل المعرض أداة استراتيجية لتحقيق مستهدفات المملكة في التوطين بحلول 2030م، عبر ما حمله من فرص وشراكات نوعية تؤسس لنقل المعرفة والتقنية، وتساهم في بناء القدرات البشرية والفنية، وتكون رافداً للاقتصاد الوطني ومساهماً في تعزيز الاستقلالية الاستراتيجية.
أختم بالقول إن سر النجاح الذي حققه المعرض هو وضوح الرؤية والأهداف الخاصة به والمتابعة المباشرة من سمو سيدى ولى العهد، وإلى العمل الجماعي الذي أشرفت عليه اللجنة الإشرافية للمعرض باختيار 26 جهة حكومية للعمل مع الهيئة العامة للصناعات العسكرية وفريق معرض الدفاع العالمي، وتناسق الجهود على نحو جماعي ورائع، سعياً لتحقيق النجاح وتذليل الصعاب، والمؤكد أن هذا النجاح الكبير يأتي معه عبء جديد للنسخة القادمة للمعرض في العام 2026 ليكون حجم التوقعات أكبر والنجاح المأمول أعظم، غيرَ أننا بعون وتوفيق من الله واثقون بأن كل نسخة من هذا المعرض الملهم ستتكلل بنجاحات أكبر، وتحقيق مستهدفات أعظم، فالإنجاز المتواضع أو غير العظيم ليس سعودياً، فشعارنا (للغد نستعد).