تغريد إبراهيم الطاسان
نعلم أن الفايروسات، ما هي إلا كائنات دقيقة لا تُرى بالعين المجردة تنتشر في الجو المحيط بنا، تدخل إلى أجسادنا على غفلة دون أن نشعر بها، لتستوطنها خلال فترة حضانة تمتد إلى حين أن تتمكّن منها، ومن ثم تهاجمها بشراسة لتضعفها في محاولة مستميتة للقضاء عليها.. مما يستفز الجهاز المناعي لمقاومة هذا المعتدي الآثم فتكون النتيجة الغلبة للأقوى.. وهذا ما نعرفه ومتعارف عليه لدينا عن صراعات الفيروسات والأجهزة المناعية للكائنات الحية.
هذه الفيروسات بحروبها الشرسة لها ساحات حروب بأوجه مختلفة، فهناك صراعات فيروسية من نوع آخر أصعب، وأكثر فتكاً وانتشاراً لأنها تحاول استهداف الكيانات الاجتماعية للمجتمعات البشرية في محاولات عنيفة لإضعافها وشق نسيجها الوطني والاجتماعي وبالتالي اختراقها..
العالم الرقمي ومنصات التواصل الاجتماعي ومنابره، تعتبر البيئة الخصبة والحاضنة الأنسب للفيروسات الفكرية والتشكيكية والاجتماعية التي تستهدف أفراد المجتمعات وشعوب الدول في محاولات مستمرة لاختراق عقول الشعوب وشق نسيجها الاجتماعي، وطبعاً إن لم تجد خطوط دفاع قوية من الدولة، ومناعة عالية عند شعوب محصنة بعد حفظ الله بالولاء للوطن والوعي العميق بما يحاك ضده فسيكون انتشارها سريعاً وفتاكاً..
ما يهمني أنا كمواطنة سعودية أعشق وطني أولاً، وكأخصائية اجتماعية تخصصي المهني يحتم علي أن أضع ما يهدّد الصحة المجتمعية ومنها فايروسات العالم الرقمي تحت مجهر الملاحظة والدراسة والمعرفة، وككاتبة رأي أحمل على عاتقي مسؤولية التوعية المجتمعية بخطر تناول حلوى الأفكار الملوثة بالحقد والرغبة بدمار هذا الوطن الغالي، والتي تقدم على أطباق من حماس أو تعاطف تجاه أفكار أو قضايا أو مشكلات محلية أو عربية أو دولية، بهدف الانجراف إلى مصيدة الاقتناع بانتقادات كثيرة والصياح الذي يصم الأذان لكل منجز عظيم يحققه وطني خاصة في مجالات الحياة الاجتماعية وما يصاحبها من تحولات رائعة نعيشها في مجتمعنا السعودي، وأقصد بها الانفتاح المدروس، والترفيه بفعالياته ومواسمه المذهلة التي حركت مياه الحسد الراكدة عند الكثير فأغرقوا مواقع التواصل بمقاطع يستغرب المنصف العاقل حجم التناقض والكره والضغينة فيها، يهمني أن نضع هذه الفيروسات وآثارها الجانبية تحت مجهر الدراسة المتخصصة من خلال تفعيل دور الخدمة الاجتماعية بشكل أوسع.. وأن نحقن مجتمعنا بلقاح الوعي الفعَّال ضد خطرها، وخصوصاً أننا مقبلون على مناسبات عالمية مهمة جداً، حيث ستحتضن دولتنا العظيمة كأس آسيا وكأس العالم وإكسبو 2030، وكما أقول دائماً.. دور المؤسسات الحكومية والأهلية واضح وفعّال ومواكب لكل مستجد لأنه مدروس من قبل قيادة ومسؤولين يعرفون كيف تدار عجلة التغيير لتصل إلى الهدف من أقصر الطرق.. والباقي علينا نحن كمواطنين.. علينا أن نتعلم ونعلم أولادنا أن التغير هو الخير القادم ما دمنا على ثقة أن قيادة حكيمة هي من تحكم هذه البلاد، مع هذه الثقة علينا أن نعلّم أجيالنا القادمة كيف نكون أقوياء ضد كل حقد أو تطرف من الدخل أو الخارج يحاول أن يشكك بعظمة منجزاتنا، علينا أن نزرع فيهم حب العلم والعمل، وأن ننمي لديهم الوعي الذي يكشف السم المخلوط بعسل الظهور والانتشار على منصات التواصل، وعلينا أن نغذي عقولهم وقلوبهم بحب الوطن والولاء والانتماء له ولقادته ولشعبه، حباً عصياً عن التأثر أو الانقياد أو التشكيك بأننا دولة عظيمة تحكمها قيادة عظيمة، وأن المواطن السعودي هو المهم والأهم عندها.. وأن المقيم على أرضها معزّز مكرّم لا يُهان ولا يُضام، وأن خدمة الوطن والذود عنه بالوعي والإخلاص، واجب يجعلنا بأمن وأمان ورقي دائم بأمر الله.