خالد بن حمد المالك
ما فائدة إسرائيل من معركتها البرية في غزة إذا كانت في يوم واحد قُتل من جيشها 24 ضابطاً وجندياً حسب اعتراف الجيش الإسرائيلي، ودون أن تحقق أهدافها بتحرير الأسرى لدى حماس والجهاد، أو تقضي على حماس وتستعيد احتلال غزة.
* *
هذا العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في غزة يراه البيت الأبيض دفاعاً عن النفس، ويراه آخرون بأنه حرب إبادة، وتكريسٌ للاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، وتأكيدٌ من تل أبيب بأن لا دولة للفلسطينيين مهما كانت التضحيات.
* *
إسرائيل وباعتراف رئيس وزرائها بأنها تواجه أياماً صعبة، ولم تجد ما تتحجج به أمام خسائرها البشرية الكبيرة إلا الادعاء بأن الأسلحة لدى حماس والجهاد تمر عبر مصر، وهو (لغوٌ فارغ ومثير للسخرية) حسب ما تحدثت به مصر التي طالبت إسرائيل بإجراء تحقيقات داخلية لمعرفة مصدر السلاح، في إشارة إلى أن الإسرائيليين هم من يزودون المقاومة الفلسطينية بالسلاح.
* *
وما لاحظناه إن تهرّب حكومة إسرائيل المتطرفة من المسؤولية يأخذ مع كل خسارة أو هزيمة شكلاً من أشكال البحث عن حجج ومبررات للهروب من المسؤولية، في ظل تنامي الاحتجاجات داخل إسرائيل ضد حرب غزة، والتفريط بأعداد كبيرة من الجيش في حرب عبثية.
* *
وما لاحظناه أيضاً إن كل ما فعلته إسرائيل إلى اليوم هو الانتقام لخسائرها بقتل وإصابة ما يقترب من الـ 100 ألف مواطن مدني فلسطيني، وهدم المنازل، ونزوح المواطنين منها إلى المجهول، حيث يلاقون العدوان الإسرائيلي الشرس ضد المدنيين الأبرياء، دون الوصول إلى أيٍّ من أهداف تل أبيب المعلنة.
* *
ومن المؤكد أن أحداً من العقلاء لن يصدق أن إسرائيل تمارس بهذا العدوان حقها في الدفاع عن النفس، فكيف يكون دفاعاً عن النفس والحرب تدور في غزة، وليس في إسرائيل، وكيف يستقيم هذا الادعاء مع المنطق، وتل أبيب ترفض إيقاف القتال، وتؤيدها في ذلك أمريكا وألمانيا وبريطانيا ودولٌ أوروبية أخرى حليفة لها.
* *
ومع كل هذه الخسائر فإن إسرائيل تجدد إصرارها على تدمير غزة، وإعادة الأسرى، وأنها سوف تواصل عدوانها، باعتبار ذلك خيار إسرائيل الوحيد، مع أن الخيار السليم الذي يجنب إسرائيل والمقاومة الفلسطينية المزيد من الخسائر، هو بإيقاف الحرب، وتبادل الأسرى سلمياً من خلال الحوار والتفاهمات والوسطاء، ومن ثم البدء في تحقيق خيار الدولتين.
* *
ولا أحد يملك القدرة على إقناع إسرائيل بالعدول عن سياساتها التي لا تحل المشكلة، ولا تضمن لها الأمن والاستقرار والسلام ما بقيت تحتل الأراضي الفلسطينية، وما ظلت تعامل الفلسطينيين بهذه القسوة، وحرمانهم من حقوقهم إلا الولايات المتحدة الأمريكية، أي أن إنهاء هذا الصراع الطويل لن ينتهي إلا بقرار من واشنطن، فكل الأوراق لدى البيت الأبيض.
* *
وأي تنصّل أمريكي من المسؤولية، فهي كمن يساعد إسرائيل على جعلها في حالة من عدم الاستقرار، ومهما كانت نتائج حرب غزة، فإن تحقيق أهداف إسرائيل سيكون ثمنه غالياً، وسيأتي من يقود المقاومة بعد حماس بافتراض أن لدى إسرائيل القدرة على تدميرها كما أعلن أمس وزير خارجيتها من أنهم سوف يواصلون القتال باعتباره خيارهم الوحيد، وهو خيار فاشل منذ 75 عاماً وإلى اليوم.