خالد بن عبدالرحمن الذييب
يعد مرض السكري من أكثر الأمراض انتشاراً في العالم، وحسب منظمة الصحة العالمية فإن ستاً من الدول العشر المتصدرة للتعرض لهذا المرض دول عربية من ضمنها السعودية، ومن أهم أسباب هذا المرض هو فرط وزن الجسم، والخمول البدني، وبصرف النظر عن الأسباب الطبية، فإن هناك جانباً تخطيطياً مؤثراً في الموضوع وهو اعتبار المشي مجرد «رياضة» تمارس وقت الفراغ وليس إحدى وسائل النقل الممكن استخدامها من ضمن وسائل النقل المتعددة.
ففي مدن العالم المتقدم المشي ليس مجرد رياضة، ولكن سلوك وأسلوب حياة، ووسيلة تنقل معتبرة من ضمن تصميم المدينة له أماكن ومساحات مخصصة ضمن الشوارع. فالإنسان عندما ينتقل من مكان إلى آخر لا يحتاج لأن يفكر بشيء سوى أن «يمشي» ناحية محطة النقل، ثم يركب وسيلة النقل، ثم «يمشي» للمقصد المراد الوصول إليه، ثم ينتقل «مشياً» في المكان الذي هو فيه سواء سوق، وسط مدينة، حي ... إلخ. الإشكالية لدينا أن ممرات المشاة تؤدي دوراً «ترفيهياً» وهذا يؤثّر سلباً على الدور الوظيفي لها. صحيح أن هناك ممرات مهيأة للمشي، ولكنها تحتاج إلى أن يُفرغ لها وقت لزيارتها، فهل كل إنسان يستطيع أن يجد هذا الوقت؟ لذلك اعتبار المشي ضمن وسائل النقل يفرق كثيراً عن اعتباره مجرد وسيلة ترفيه أو رياضة «تمارس وقت الفراغ» لأن الأمر يصبح في متناول أفراد المجتمع.
أحد الاعتبارات التي تساعد على تشجيع المشي ليصبح وسيلة نقل هو تشجيع تعدد الوظائف وتنوع الاستخدامات في مناطق معينة إما وسط المدن، أو مراكز الأحياء، فالهدف ليس تشتيت المدينة ولكن تركز الاستخدامات في مناطق معينة في المدينة أو الحي بحيث تشجع سكان المدينة على إيقاف سياراتهم والتجول داخل المركز مشياً، والأفضل جعلهم يتركون سياراتهم والانتقال من المنزل إلى المقصد باستخدام وسائل نقل متعددة منها المشي.
فكرة تنوع الاستخدامات ترتبط بمبدأ زيادة الكثافات والتي تساعد على انتشار المشي كوسيلة نقل، وهذا المبدأ ليس بالجديد ولكنه عودة لمدينة ما قبل الثورة الصناعية، حيث كانت المدن عبارة عن تجمعات عمرانية بها وحدات سكنية وتنوع استخدامات متقاربة الخدمات ليمكن الوصول إليها مشياً.
التكامل التخطيطي بين استخدامات الأراضي ووسائل النقل، من الأمور المهمة التي تُؤخذ في عين الاعتبار. فعدم وجود ممرات مشاة معتبرة كوسيلة تنقل ضمن الوسائل المستخدمة والتي يتم اختيارها من قبل المواطن أثناء الرغبة في التحرك يمثِّل إشكالية كبيرة، وذلك لعدم وجود مفهوم التكامل بين وسائل النقل المتعددة وأن وجد فإن الحديث يكون عن مركبة خاصة أو نقل عام فقط دون اعتبار حركة المشاة.
أخيراً.. قصر تصميم ممرات المشاة على أماكن معينة لممارسة رياضة المشي أمر يُحسب لمن فكر فيه.. ولكنه ولا شك ليس الحل الأمثل
ما بعد أخيراً...
المشي وسيلة للتنقل تحتاج إلى تكامل مع محيطها.. وليست مجرد رياضة تمارس وقت الفراغ.