ليلى أمين السيف
عندما كنت صغيرة، زهقت من كثرة مايناديني والدي رحمه الله. فتارة هاتي كأس ماء وأخرى خذي الصحن ومرة أطفئ النور وهكذا من طلبات جعلتني أتذمر وأقول له سوف أغير اسمي فقال لي وهو يضحك رحمه الله سنناديك باسمك الجديد فقلت له لن أخبرك ما اسمي فقال سنناديك «حفصه».
وقبل أمس ذهبت للعمل مساءً وقد كان عملي قبله صباحاً..
وقالت لي زميلاتي إن فلاناً وفلانة وأخرى من نزلاء الدار يطلبوني بالإسم وعندما قيل لهم إني سآتي في المساء كانت المحصلة عند انتهاء مناوبة العمل أني بالكاد وصلت بيتي حيث كانت قدماي تنوآن بحملي..
وقتها قالت لي الزميلات غيّري اسمك.. ضحكت وتذكرت أبي الله يرحمه وفي النهاية ابتكرت حلاً إني إذا أجبت على جهاز الاستدعاء، على باقي زميلاتي ألا يدخلن للنزيلة طوال اليوم وسوف أبلغهن أنني أعمل لوحدي في القسم ولا أستطيع تلبية النداء كل مرة إلا للضرورة كي لايتم تكرار النداء.
وقتها قلت لنفسي إننا نحتاج لوضع حدٍّ في علاقاتنا مع الآخرين من أصحاب وأهل وزملاء عمل.. الذين يستغلون سجيتك وطيبتك وحضورك الدائم.
تطلعوا استراحة أو حديقة، عليك تنظيم كل شيء وكمان تتبع أغراضهم عند رحيلهم ويافلانة لاتنسين هذا وياعلانة هذا لك..
في البيت أنت المسؤول عن إطفاء المصابيح وإبقاء البيت مرتباً وجميلاً وحتى في العمل يتكل الكل عليك بعد أن أظهرت مهاراتك للجميع.. فالكل يحلو له استغلالك فأنت مباح وتخجل من قول لا..
كم مرة تم انتقادي من إحداهن عن عملي..أو حتى عن شكلي أو أسلوبي وأنا ألزم الصمت ولا أحب أن أنتقدهم.. أو أبدي العيوب. وذات يوم بعد انتقادات عدة لشكلي رددت على إحداهن بما فيها وعيبت عليها قاصدة لترى كم هي تؤذيني كل يوم وأنا صامتة متحملة.. فزعلت مني..
طيب ليش معنى أنا استحملتك وسكت..
كسر الخواطر والاستغلال مؤذٍ فلماذا يقبلونها على غيرهم ويأنفون ويزعلون إن ُعُوملوا بالمثل...
إذا جاء أحد وهو زعلان من الأهل أو الأصحاب عليك أن تسمع وتطبطب فهو مسكين. هم ظروفهم المادية صعبة وهم نفسياتهم هشة وعيالهم حساسين وبيوتهم لها خصوصية والباقيين لا.. هم يتعبون في العمل وأنت سوبر مان وإلا سوبر ومن وإلا حتى غرانديزر. يمرضون فيرهقهم المرض.. وحين يفرحون عليك أن تكون الحاضر الأول.. وحين تعبك أو مرضك أو فرحك لايحس بك أحد ولايدرون أساساً أين أنت..
أحدهم يشتم بلدك وذاك يقلل من قبيلتك وآخر يسخر من كلامك وذاك يهزأ من أسلوبك وعندما ترد عليهم يغضبون ويصل الحال ببعضهم أن يتهمك بالدونية أو الخيانة ولايتورع عن إيذائك وإدراج اسمك في القائمة السوداء.. حلال له أن يرسل لك نكتة يسخر بها من قبيلتك أو مقالة مسمومة تشتم شعبك وأهلك وعليك موافقته رأيه وإلا فأنت من ذاك الحزب أو أنت عميل مدفوع له.
ليش لازم أنت تكون دائماً اللطيف والمحترم وهم الذين يرمون الكلام ومايحترمونك..
ليش أنت في كل مرة الي لازم تتنازل منعاً لحصول اشتباكات مهما كان موقعك..أباً أم اُم ابناً أم بنت موظفاً أم مدير قريب أم بعيد.. مكتوب عليك تقديم التنازلات وتقدير المواقف..
تسافر، تنجح، تأكل، تموت، تنتحر، تعيش..تفرح، تحزن.. كلها أمور لاتعنيهم أو هم اعتادوا أن تتجاوز كل شيء وكأنك جلمود صخر حطه السيل من علِ. إذا اتصلت بهم وماردوا تلتمس لهم الأعذار.. إن تأخروا في الرد على رسائلك أو نسوها ولم يردوا فمعليش مشغولين.. وياويلك وسواد ليلك لو مارديت فوراً وحالاً بالاً وإلا بدت الاتهامات والاتصالات لأطراف أخرى تشكو إهمالك وتجرؤك على ردودك المتأخرة..
ليس من حقك أن تعرف شيئاً عنهم وليس مقبولاً أن تسأل عنهم.. أنت متاح مباح لازم الكل يعرف عنك كل تفاصيلك.. حتى كم نفس تنفسته وإن لم يعرفوا أرسلوا خلفك من يعرفك ليعرفوا دقائق حياتك..
وأنت يادوب تعرف أشكالهم أو اسمهم الأول..
بالنهاية...طز.. وعلى ايش.. محدٍّ يستاهل إلا الي يستاهل.. إذا أنت عاملتهم بالمثل وزعلوا.. طز.. وطزين كمان خليهم يزعلون..
الي يحترمك حطه فوق رأسك والي مايعرف قدرك علمه قدره..
كن محترماً مع المحترمين..ترفع عن كل شخص لا يقدرك.. لست هامشاً لتتنازل كل مرة.. زد في وصلك مع من يفتقدك.. ذاك الذي يحبك سيبحث عنك وسيلتمس لك الأعذار والأسباب ولن يقبل لك أبداً الزعل وسيبادر لأنه يعرف قدره عندك..
«ايش معنى أنا « هذه انسها..المعاملة بالمثل..وبالأصل والي مايتعدل سوف يتعدل بعد أن تتعدل أنت شخصياً.. وتعطي نفسك حقها..