خالد بن حمد المالك
قيمة الوقت واحترامه والالتزام به، بأيامه وساعاته ودقائقه يُختص به قليل من الناس، وينفرد بتطبيقه والاهتمام به عدد محدود من هؤلاء، وهناك من يضبط ساعته دون تقديم أو تأخير على ما قد يكون لديه من مواعيد والتزامات، فلا يخل بها ما لم تكن هناك ضرورة وللضرورة أحكام كما يُقال.
* *
الملك سلمان نموذج لهؤلاء، ومدرسة لمن يعطون أهمية للوقت، وقدوة لمن يبرمجون التزاماتهم دون أن يتعارض بعضها مع بعض حتى لا تُفسد عليهم مبدأ التزامهم بالوقت، وللملك سلمان في هذا قصص تُروى، وحكايات تُقال، ودروس يُتعلم منها.
* *
يروى عنه أنه متى كان لديه التزام أو دعوة خارج مدينة الرياض - الخرج مثلاً - فإنه يرسل مبعوثاً يحدد له الوقت المطلوب من نقطة التحرك إلى نقطة الوصول بالسرعة المقررة سلفاً، وذلك قبل تحركه، لضمان وصوله في الوقت المناسب، وبالدقة التي اعتاد عليها في جميع تحركاته.
* *
أحياناً يصل قبل الموعد بدقائق محدودة، لكنه يتعمّد عدم الدخول إلى موقع المناسبة، مفضلاً أن يُمضي هذه الدقائق السابقة للموعد في جولة حول الموقع من أن يصل قبل ذلك، ما جعل الجميع يوقّت ساعته مع ساعة الملك سلمان في كل مناسبة يرعاها، أو دعوة يلبيها.
* *
الملك سلمان يكاد يكون أول من يصل إلى مكتبه حين كان أميراً لمنطقة الرياض قبل بدء عمل أغلب موظفي الإمارة، وكان آخر من ينهي عمله اليومي بالإمارة متأخراً عن أكثرية الموظفين، ما جعل منسوبي الإمارة يضطرون أدباً واحتراماً في مباشرتهم لأعمالهم قبل بدء الدوام ويبقون بالإمارة إلى ما بعد انتهاء الدوام، وتحديداً إلى حين مغادرة الملك، فساعة الملك وتوقيتها حاضران هنا.
* *
كان الملك سلمان حين كان أميراً لمنطقة الرياض على علاقة حميمية ولصيقة بالناس مواطنين ومقيمين، يستقبلهم قبل صلاة الظهر، وبعد الصلاة، في توقيت ينسجم مع توجهه باحترام الوقت، ويسمع منهم ما جاؤوا إليه قاصدينه - حفظه الله- فيعالج ويحل ويوجّه بما يجعل من قدموا إليه في حالة ارتياح وسعادة، وشعور بالرضا لأن ما كان عالقاً وعصياً على الحل قد أصبح يسيراً على الحل بتدخل مباشر من سلمان بن عبدالعزيز.
* *
وامتداداً لعلاقته - حفظه الله- بالمواطنين والمقيمين، فإن الجميع كانوا على موعد أسبوعي في قصره العامر، للاستئناس بمجلسه وحديثه، ومن ثم تناول طعام العشاء في مأدبته، وكل هذا كان يتم بترتيب يراعي الوقت، فالجلسة محددة بوقتها، وتناول طعام العشاء في حدود وقته، وهو لقاء ثري بالآراء من الملك - الأمير سابقاً - ومن الحضور، وكأن الجميع أسرة واحدة.
* *
الملك سلمان - أمير منطقة الرياض سابقاً - حين تتصل به في أي وقت خارج دوام الإمارة، فهو يحترم وقتك، ولا يؤخرك، فما هي سوى دقائق محدودة ويأتيك صوته وإصغاؤه لمعرفة ما كان سبب اتصالك، مالا يفعله حتى من هو دونه في حجم المسؤوليات، ودونه في المقام والمكانة والأهمية.
* *
وما يميز الملك سلمان - ضمن احترامه لوقته ووقت غيره - أنه لا يطيل الكلام، ولديه فراسة وذاكرة وسرعة بديهة بالوصول لمعرفة ما هو مطلوب منه أو معروض عليه، وضمن اهتمامه بالوقت أيضاً، فالحل والتوجيه والقرار تكون جاهزة لديه، بما لا حاجة إلى التأخير على حساب مصالح الناس.
* *
الملك سلمان يقدّر وقت كبار المسؤولين وما هو موكول لهم من مسؤوليات كبيرة، فيتيح لهم فرصة مقابلته في مكتبه فور وصولهم إلى قصر الإمارة، بخلاف عامة الناس الذين يستقبلهم مرتين في اليوم واحدة قبل صلاة الظهر والأخرى بعد صلاة الظهر، ما جعل العمل بالإمارة يسير بانسيابية وسهولة، ويقابل بالرضا من الجميع.
* *
ويلاحظ أن كثيراً من المواطنين المقيمين في مناطق أخرى من المملكة يأتون إلى أمير منطقة الرياض لأن لديه من الحلول غير تلك الموجودة في مناطقهم، فيستقبلهم ويعطيهم الأولوية للنظر بما قدموا من أجله، تسهيلاً لسرعة عودتهم من حيث أتوا، وذلك ضمن اهتمامه بوقت الآخرين.
* *
ساعة الملك سلمان، واحترامه للوقت، يجب أن يكون جزءاً من حياة كل منا، فمع الاهتمام بالوقت كما يفعل الملك سلمان، نكون قد استفدنا منه بأكثر مما لو كان خارج نطاق اهتماماتنا، وبه ومن خلاله يكون الإنجاز أكثر، واستثماره بما يعود علينا بالفائدة والمصلحة، مع أن للضرورة أحكامها عندما لا يلتزم أحدنا أحياناً بالوقت المحدد، فهو حينئذٍ له وعنده ما يعذره.