«الجزيرة» - محمد العشيوي:
واصلت ليلة اليوبيل الماسي لليوم الثاني على التوالي توهجها في الليلة الشعبية، احتفاءً بمرور 60 عامًا على مسيرة فنان العرب محمد عبده، وسط أجواء فنية لا تُنسى وأنغام شعبية، كان قد صدح بها منذ حقبة الستينات والسبعينات الميلادية. وجاءت الليلة بفكرة «التخت الشعبي» والعزف على العود طيلة وقت الحفلة، وحضر الميدلي الغنائي، وسط أعمال شعبية بتوزيع متجدد، بتواجد الفرق الشعبية على خشبة المسرح.
ويرتبط محمد عبده جليًا بالأعمال الشعبية التي سطر فيها صوته من الذهب، بالألوان المنوعة وإيقاعات فلكلورية منذ الستينات، والإلمام بمصادر هذه النوع من الفنون، مدركًا أهمية الثقافة في هذا الجانب، فحضرت أغنية «دستور» التي كان قد تغنى بها في العام 1976 من كلمات الأمير الشاعر خالد الفيصل. وأبحر فنان العرب بجمهوره الكبير، لعالم مختلف في الفن بالإضافة لأعمال «ليالي نجد» و»عاشق خزامى» التي وثقها في تاريخه ليكون للذائقة الفنية موعد استثنائي للاستمتاع بالمغنى والقصيد.
وتمثلت الليلة الشعبية بدعم المواهب الشابة في المملكة ومزجهم في اليوبيل الماسي، وتأتي هذه الفكرة كواحدة من المبادرات التي يقدمها محمد عبده في الساحة الفنية لجميع المواهب في المملكة.
وشاركت داليا مبارك بدويتو غنائي مع فنان العرب بأغنية «لو كلفتني المحبة»، كما قدم نواف الجبرتي أغنية «عيد الفرح» وسط تشجيع من أبو نورة الذي طالما كان داعما للأصوات الشابة. وفي الجانب المقابل شاركت الشابة حنين المنصور بأغنية «ما تمنيتك»، بالإضافة إلى مشاركة الثنائي العربي انجيلا وغسان بأغنية «على البال» وجميع هذه الأصوات، مكنها محمد عبده، لتحتل الثقة الكبيرة في ذاتهما وبمسيرتهما الفنية، ولتكون هناك ثقافة فنية في الليلة الشعبية. وكانت ليلة اليوبيل الماسي الثانية، محملة بالإرث والمكنوز الغني لفنان العرب، حيث تغنى في 23 أغنية من بينها «ليتك معي ساهر» و»قالوا نسيته» و»جرح العيون» و»يا شايل الظبي» و»سافر وترجع»، في حين كانت رائعة «يا صاح» واحدة من الأعمال الشعبية التي شكلت توهج للأغنية السعودية، والتي ولدت في بداية السبعينات الميلادية من القرن الماضي، حيث تعد من الأعمال الذهبية في تلك الفترة. لم يبخل أبو نورة في تقديم روائعه بالعزف على العود، بل أعاد تجديد تلك الأعمال التي ولدت، لتكون خالدة في الوجدان، وليعيش الجمهور حالة من المشاعر الجياشة والإحساس المرهف.
وبين الإيقاعات الرنانة وأوتار العود، كان هناك شجن طربي على خشبة المسرح، لتكون للأجواء الماسية موعد آخر من الطرب التي تنوعت بين الألحان السريعة والهادئة، وسط تفاعل من الجمهور الكبير، وربطت الليلة الشعبية الفن والنغم مع الليلة الأولى من اليوبيل الماسي، حيث جمعهم الفن الأصيل كقاسم مشترك. واتسمت تفاعلات محمد عبده بالشغف والإحساس حيث اندمج بشكل عميق مع أعماله وبتعبيره عن عواطفه وتفانيه في الأداء الكبير في الانتقال السلس بين الأعمال الغنائية والإرث الضخم الذي يمتلكه، إذ حضرت الأغنية السعودية بهويتها، وليعلن فنان العرب عن لقطة الختام بحالة من الإبهار للجمهور، بمجموع 33 أغنية في الليلتين، وبمشاركة أكثر من 140 عارض وميدلي غنائي منوع وثقافة موسيقية عالمية، وتفاصيل لعمق وتاريخ الأغنية السعودية.