ناهد الأغا
في مدينة المحبة، وعاصمة الجمال والخير الوفير، في كل وقت وزمن، وعلى امتداد الأيام، لا تفارق الأناقة والتنظيم الفائق أركانها، وتشتم في أرجائها عبقاً فواحاً يُحاكي أياماً وأزماناً، في كل يوم كان فيه قصة رائعة تتناغم مع البنيان المشيد في أركانها الفسيحة.
الرياض... ومن مثل الرياض آسرة تفكيري وخلدي ووجداني، لائق بك كل ازدهار وتألق خلاق وعمران مشيد الأركان والبنيان، يرسم على جدرانك في كل مرحلة أزهى الألوان وأبهاها، ويسرد الحكايات والحكايات عن جمالك وسحرك الخلاب، ويتنامى حُسن الجمال في وجدان من عشق هذه العاصمة والمدينة، وقدم لها سنوات عمره وشبابه، وأفنى العقود من عمره في خدمتها وعمرانها، فكان حقاً أن يتخذ النمط الجديد من العمران والطراز من اسم الابن البار لهذه المدينة الخالدة في النفوس، ويوصف به، فكان «الطراز المعماري السلماني»، الذي تبناه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله ورعاه، وحظي بحرصه وتأكيده في مسيرة تحديث مدينة الرياض، وشيدت الشواهد على هذا الرقي في التصميم والإبداع، على معالم خالدة في جبين المدينة العزيزة، كانت مؤسسة على طراز انبثق وإنولد من الطراز النجدي، الذي كانت مدينة الرياضقد اتصفت به، وتميزت بنمطيته العريقة والأنيقة، فلنا أن نُبصر على: حي السفارات، إسكان موظفي وزارة الخارجية، ومطار الملك خالد الدولي، وزارة الخارجية، والجامع الكبير، ومجمع قصر الحكم، قصر طويق، ومركز الملك عبدالعزيز التاريخي، والمحكمة العامة، متنزه سلام، وادي حنيفة والمحكمة الجزائية، مكتبة الملك فهد الوطنية.
وصيغت بمداد من الفخر بأحرف مُطرزة بالذهب «ميثاق الملك سلمان العمراني»، ويزدان بريق الميثاق الناصع بما سطره حضرة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله ورعاه في صدارة الصفحات الأولى للميثاق، بأن ما لمدينة الرياض في قلب خادم الحرمين الشريفين من مكانة، وما لها في نفسه من منزلة، وفي خاطره رعشة اعتزاز كلما لاح ذكرها وألقها وانتثرت في الأجواء شذى أريجها، وأتشرف أن أقتبس هذه الكلمات العطرة بقلم سمو ولي العهد: (ميثاق الملك سلمان العمراني يمثل تتويجاً لجهود عظيمة لخادم الحرمين الشريفين منذ أن كان أميراً لمنطقة الرياض، حيث عُرف عنه عنايته الكبيرة بالعمارة المحلية، وحرصه الشديد على عدم تأثر الهوية الثقافية للمكان بعمليات التحديث التي عاشتها العاصمة ومدن المملكة عموماً، إن مسيرة خادم الحرمين الشريفين في صون الخصائص العمرانية لوطننا الغالي هي الأساس الذي تستند عليه في المشروعات الوطنية المرتبطة برؤية المملكة 2030؛ كونها مصدر إشعاع يجد طريقه اليوم إلى المتطلبات الدقيقة للمشروعات الكبرى في مختلف مناطق المملكة لتحقيق الارتقاء بالعمارة والتصميم الحضري تجسيداً لهوية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالمكان والناس من خلال تأصيل عهد العمارة السلمانية، والالتزام بالقيم الأصيلة التي غرسها خادم الحرمين الشريفين في مسيرة التنمية الوطنية، وتم التأسيس لميثاق الملك سلمان العمراني كمرحلة جديدة من النهضة العمرانية عنوانها المحافظة على هوية المكان وثقافته، والالتزام بعناصره الجمالية، وبروحه المتوائمة مع أعلى معايير الاستدامة التي تدعمها بلادنا منذ البدايات إلى يومنا هذا).
أسطرٌ تترجم نهجاً عتيداً في فلسفة عميقة، قلّ نظيرها، يشاهد من يغوص في أعماق مكنوناتها الوقوف الجليل أمام الماضي التليد والتاريخ المشرق، وكيف يصنع منه غداً جميلاً ومشرقاً، وكيف أن مسيرة الجمال الخلاق تمضي وتمضي محلقة في سماء الإبداع دون توقف، ولا يوجد ما يعرقلها أو يعيق تحليقها مرتفعة بما أنعم الله عليها من قيم الأصالة ومحاكاة الحضارة والتراث المعماري العريق، واستمراريته بالنمو والتطور الدائم لمجتمع يفخر ويعتز ويشدو طرباً وفرحاً بهويته الوطنية، ويتغنى بماضيه الذي ينسج ثقافته الوطنية، ليكون الإنسان محور الاهتمام والتركيز على تحقيق الرؤى التنموية كافة، ما يسهم برفع مستواه المعيشي من الجوانب كافة، وتحقيق أواصر الابتكار والاستدامة وحماية الجانب البيئي وتعزيزه، وصون الجوانب الاجتماعية والاقتصادية بصورة واعية.
لائق لك يا مدينة الخير والمحبة والسلام، والتاريخ والرجولة الشاهدة على إرث مجيد، سلكه الأوائل رحمهم الله، وبقي اللاحقون يسيرون على دربه أن تعلو ويُعلى ذكرها، وهي تسكن في مهجة عين ونفس أبنائها، الذين أحبوها وقدموا لها الغالي والنفيس مما يملكون، وغالية أنت وغالٍ الميثاق الذي نسج لأجلك، وغالٍ الاسم العزيز على قلوبنا أن ينعت الميثاق باسمه، فكل تقدير وإجلال لمولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان حفظه الله ورعاه.