العمل عند تضارب الفتوى واختلاف المُفتين
* ما رأيكم بما يوجد من فتنة الفتوى وتضاربها، ووقوع الحرج عند الكثير بما يأخذ، فما توجيهكم؟
- على كل حال الإنسان إن كان من أهل النظر والاجتهاد فعليه العمل بالدليل، ولا يسعه أن يُقلِّد أحدًا، وإن كان من العامة أو من أشباه العامة ممن لم يتأهَّل للنظر والاجتهاد، فإن عليه أن يقتدي بمن تبرأ الذمة بتقليده، ولا يتخبَّط ويتتبَّع الفتاوى التي توافق هواه، فإنه حينئذٍ يكون عبدًا لهواه، وعليه أن ينظر في متبوعه، فإن جمع بين العلم والدين والورع، فهو أهل لأن يُقتدى به.
وليسَ في فتواهُ مُفْتٍ مُتَّبَعْ
ما لمْ يُضفْ للعلمِ والدينِ الورعْ
قد يقول قائل: (أنا والله لا أستطيع أن أُميِّز أيهم أفضل، وأيهم أعلم، وأيهم أورع)، على كل حال الاستفاضة على ألسنة العلماء، وعلى ألسنة الأخيار كافية في مثل هذا، يعني: إذا أثنى عليه أهل العلم المعروفون بالتحفُّظ والتثبُّت يكفي.
* * *
النوم على البطن
* ما حكم مَن ينام مستلقيًا على بطنه؟ وهل مَن نام على بطنه لغرض الراحة فقط، وليس نومًا، يدخل في الحكم نفسه؟
- ما يُقال: (مُستلقٍ على بطنه)! وإنما (منبطح على بطنه)، وعلى كل حال السؤال ظاهر ومعروف أنه يقصد: النوم على البطن، وقد جاء النهي عنه، وأنها نومة يَمقتها الله.
يقول: (وهل مَن نام على بطنه لغرض الراحة فقط، وليس نومًا، يدخل في نفس الحكم؟)، إذا كانت الحاجة داعية لذلك، كأن يوجد بعض الآلام في البطن لا يُخفِّفها إلا النوم عليه، فالحاجة تُقدَّر بقدرها.
* * *
الإساءة إلى الوالدين وتفضيل الزوجة والأولاد عليهما
* نرجو من فضيلة الشيخ نصيحة للأبناء الذين يُسيئون المعاملة مع والديهم، خصوصًا بعد زواج الابن وإنجاب الذرية، فينسى بعدها حق والديه ويفضل زوجته وأولاده على والديه، بل وينهرهما بحجة أنهما من الزمن القديم، فما هو توجيهكم حفظكم الله؟
- عقوق الوالدين وقطيعة الرحم من عظائم الأمور، وجاء فيها من النصوص من الكتاب والسنة ما يجعل الإنسان على وَجَلٍ عظيم إذا رأى عاقًّا؛ فكيف إذا عقَّ بنفسه، وقد جاء في بعض الأخبار «إن الرحمة لا تنزل على قوم فيهم قاطع رحم» [الأدب المفرد: 63]، والقاطع معروف أنه في الأقارب، والعقوق فيما هو أخص وهو الوالدان، فإذا كانت الرحمة لا تنزل على قوم فيهم قاطع رحم فكيف بمن قطع؟! فكيف بمن عقَّ والديه؟! وهذه الجريمة العظيمة في حق الوالدين: أقرب الناس إليه، وأعظم الناس حقًّا عليه بعد الله -جل وعلا- كيف يستطيع أن يواجه سبب وجوده في هذه الحياة بهذه المعاملة؟! كيف يستطيع أن يواجه أمه التي حملته وتعبت عليه، وتحمّلت المشاق والمصاعب في حمله ووضعه وإرضاعه وتنشئته، وكذلك أبوه الذي حَمَل من أعبائه حتى شَبَّ عن طوقه، ثم رأى أنه قد استغنى عنهما بوظيفة وزوجة وبيت مستقل، وصار له أولاد؟! هل يليق بعاقل -فضلاً عن متدين- أن يصنع مثل هذا الفعل وهذه القطيعة بمن أسدى إليه أعظم المعروف بعد الله -جل وعلا-، لا شك أن هذا ممسوخ الفطرة، الذي يُفضِّل زوجتَه وأولاده على والديه، لا شك أن هذا على خطر عظيم من لعنة الله -جل وعلا- وغضبه عليه، نسأل الله السلامة والعافية.
** **
يجيب عنها معالي الشيخ الدكتور/ عبدالكريم بن عبدالله الخضير - عضو هيئة كبار العلماء، وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء -سابقاً-