سهوب بغدادي
الشغف يحمل معه مفاهيم كثيرة، قد يكون موجهاً لشيء ما أو حتى شخص ما، ويحمل معنى الحب والحماسة والاندفاع والإصرار، قد يبدأ البعض حياته في حب مجال ما كالرسم الذي يكتشف لاحقًا وربما متأخرًا أنه مجرد بوابة لشغف أكبر وأكثر أصالة، الشغف يتغير ويتبدل وقد يتوقف وينفد ويتجدد ويحيا من جديد، وعلى كل الأحوال في كل نطاق وفترة زمنية منوطة بالشغف هناك لمحة لرسالة تفجر شيئًا أكبر بداخل الشخص، فقط تنتظر الزمان والمكان المناسبين لتشع بصاحبها إلى الملأ، وتنير عتمة الماضي، والهدف من الشغف يختلف باختلاف الأشخاص، وظروف حياتهم وبيئتهم، فالتبدل يأتي احتمالًا من تبدل الظروف وتشمل الزمان والمكان أو المجتمع أو الشخص ذاته في توجهاته وأهدافه، فكما هناك عجلة لتنظيم حياتك تتضمن الأسرة والعمل والصحة، تستطيع أن تصنع لك عجلة خاصة بالشغف، فالعجلة الواحدة تشمل مجالًا معينًا يهيمن عليها كالصحة أو الفن وما إلى ذلك، أو عجلة متنوعة المجالات، وعلى أية حال يشكل كل شغف إطارًا لتشكيل لوحة متكاملة الزوايا والمعاني في حياة الإنسان لاحقًا، وأستذكر هنا بعض الأمثلة على أشخاص متعددي الشغف، كالفنان المبدع نواف الحربي الذي يبرع في مجالات عديدة من الفن، ككتابة الأغاني والتلحين والغناء والتمثيل، واللغات والترجمة ومجال الإدارة وتحليل البيانات والأعمال والاستشارات، كذلك الأستاذ خالد الغامدي الذي درس في مجال صحي ويتسم بالشغف تجاه عدة مجالات منها اللغات الأجنبية والترجمة، وبفك الأجهزة الإلكترونية والمعدات وإعادة صيانتها، وإدارة المشاريع، أيضًا المصممة الاستثنائية روان الحربي التي احترفت مجال شغفها وحولته إلى مهنة، فكانت تصمم أبهى الفنادق العالمية من ثم وجدت شغفًا أعمق في تصميم الأزياء للعاملين في تلك الفنادق بطابع تراثي سعودي أصيل، وعلى ذات الخطى، وجدت شقيقتها ربى الحربي ضالتها في إعطائها دروسًا للطهي المختص للطعام الياباني والإيطالي إلى جانب مجالها الأساس البعيد كل البعد عن فنون الطهي، على الرغم من تعدد الشغف والمجالات فإن أغلبية الأشخاص يحاولون جاهدين أن يحموا شغفهم ببلورة شفافة تتيح للعالم الخارجي الاطلاع عليها والإعجاب بها ولكن لا يمكن اختراقها، وتكون الحماية من أمور كثيرة من أهمها الاحتراق والضياع، خاصة في حال تقيد الشغف بمقاييس أداء وتقييم من قبل الآخرين، إن كل شخص له فيلم ذو أجزاء عديدة تمثل حياته، فمهما اختلفت المحار وأطر الحوار والشخصيات وأدوارهم والسيناريو والحبكات، سيظل الجوهر سيد الموقف والروح تهيمن وتضفي الألفة على ما اختلف منها وفيها، فكل ماعليك أن تثق في خطواتك وتستمتع بالرحلة قبل الظفر بنشوة الوصول.