مها محمد الشريف
مهما تكن الأوضاع والظروف، سيشهد العالم ثنائية العدو والصديق وتظل السياسة الغربية كما هي في جوهرها، فالحياة مليئة بالنزاعات وقد تعرض العديد من الناس في الولايات المتحدة لقمع حقهم في حرية التعبير وسط العمليات العسكرية الإسرائيلية المكثفة في غزة، بما يشمل حقهم في الاحتجاج على الحرب، أو دعم الفلسطينيين أو إسرائيل، أو معارضة الأفعال المتزايدة المرتبطة بمعاداة السامية والعداء للإسلام، وكبديهيات فهي لا تبرر أي أنها غير قابلة للنقاش، وقالت التقارير عن مثل هذه الحوادث في الولايات المتحدة تناقض مفهوم الديموقراطية آخذ في الارتفاع، فهناك علاقة جدلية ثابتة بين الأخلاق والاقتصاد والدين والسياسة، وأفادت وسائل إعلام وحقوقيون عن تقييد الحق في حرية التعبير في جميع أنحاء الولايات المتحدة، بما في ذلك في حرم الكليات والجامعات.
العالم هناك تجاوز عامل الزمن ولكنه لم يتخط حداثة التطور، ولم يستطع أن يخلق حاضرًا أفضل يكتسب فيه الفرد حرية أكبر، بل تراجعت حريته إلى الوراء، وجد فيها الإنسان نفسه قيد منظومة مختلفة الشكل والتأويل تفتقد في نهاية المطاف إلى عقلنة الأزمات وحجم المسؤوليات، ويزيد من سلبها تدهور الأمن والاستقرار والسلام على امتداد الأرض.
وهو ما أعلنت عنه الولايات المتحدة في تقرير سابق محذرة من تراجع حريات التعبير والتجمع، وتفاقم أوضاع جماعات المعارضة وناشطي حقوق الإنسان أكثر من أي وقت مضى. مخالفًا في ذلك ما أكده الرئيس الأمريكي «ثيودر روزفلت» سنة 1941، من أن حرية الكلام والتعبير هي إحدى الحريات الأربع التي يستند عليها النظام العالمي المستقبلي لمجتمع يتمتع بالانفتاح والتعددية، واليوم «واشنطن» تقول: حرية التعبير بالعالم في خطر. وفي الوقت نفسه نقرأ في التاريخ أن الحرية نشأت أول نشأتها في سنة 1948، وأكدتها الدساتير الأمريكية والأوربية في صور الحركات النضالية التي تفجرت من أجل الحصول على الحريات الشخصية خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر.
فهل نحن أمام اختلاف كبير في سياسة الحرية في القرن الواحد والعشرين؟، أم أن المساعي والمخططات المرتبطة بالدول الحاكمة لهذا العالم ضمن عوامل التناقض والتباين المتأصلة في جذور المشكلة؟ وكيف أصبحت توزع فتات الحريات على الدول التي تقع تحت سيطرتها؟ في حين تمارس ظاهرياً الاستنكار والدفاع التقليدي عن حقوق الإنسان وتنشر مخاوفها من انتهاك لهذه الحريات؟ أين الدول الغربية التي تنادي بحرية حقوق الإنسان من مآسي الدكتاتورية البشرية؟
أينها من التمييز العنصري، وضحايا الحرب على غزة فإدارة بايدن تستخدم صلاحيات الطوارئ لتزويد إسرائيل بالذخائر والإدارة الأميركية استخدمت صلاحيات الطوارئ لبيع نحو 14 ألفًا من قذائف الدبابات لإسرائيل دون مراجعة الكونغرس. لماذا لا تسهم الدول العظمى في وضع حدٍّ لنهاية العنف في العالم على خلفية القرارات والخطابات عن حقوق الإنسان وحريته، فقد أصبح رد فعل كل شيء مضاعفًا أو بالأحرى مفضوحًا يكيل بجميع الموازين والمكاييل والمصالح طغت على كل شيء بعقلية وعقيدة هذه الدول وباتت مثالياتها وقيمها التي تروج لها في مهب الريح بعد أن فقدت إنسانيتها ومصداقيتها.