عثمان بن حمد أباالخيل
تقنية الهاتف الجوال واتساب WhatsApp وتانجو Tango وسكاي بي Skype والرسائل النصية والرسائل المصورة والفيس تايم Face Time وغيرها والقادم منها جعلت الكثير من الناس تتلوّن وتتنمق في الكلمات والعبارات التي لا يعنيها ولا يدرك معانيها. والكلام مُنَمَّقٌ: مُزَخْرَفٌ ومُبَالَغٌ فِي تَزْيِينِهِ، أَيْ مَصُوغٌ صِيَاغَةً بِأَنْوَاعِ البَدِيعِ. فالكلمات المنمقة حينما تتجرد عن الفعل تصبح كمنْ يزرع النبات في أرضِ جرداء قاحلة، لا زرع فيها، ولا نبات. أو كرائحة الورود الشاحبة الجافه التي تعجبك منظرها لكنها بدون رائحة ولا طعم. إنّ كلمات التنمق والإعجاب لا تحتاج للبحث والعناء فالسيد جوجل يعطي بسخاء.
هذه الكلمات المنمقة والمعسولة ما هي إلا تزيف للمشاعر الكاذبة التي قد يصدقها من يفتقدها في بيئته. ترى لماذا نبتسم كيف نميز بين الابتسامة الحقيقية والمزيفة، وكيف نفرّق بين المشاعر الإنسانية النبيلة وبين المشاعر الهدامة. المشاعر المزيفة عنوان كبير تخفي وراءها قلوب محطمه وعقول عاجزه عن التفكير. في مجتمعنا وعند شريحة كبيرة منه تتلذذ بسماع كلمات المديح والتنمق، وعادة هذه الكلمات والعبارات بعيدة عن واقع الإنسان الممدوح. تخيل حين يمتدحك إنسان ويطري عليك بالكرم وأنت بخيل ما هو شعورك؟ تخيل حين يمتدحك إنسان بالمواقف الإنسانية وأنت لا تعرف معني الإنسانية وليس لك مواقف بل تتهرب من المواقف.
الكَلِمات المُنمّقة والمشاعر المُزيّفة مرض عُضال يعجز الأطباء عن شفائه والمجتمع من التخلص منه، الطبيب النفسي ربما لديه الدواء لأولئك الذين يجيدون التنمّق. وبناء بيوت في الهواء. الإنسان الذي يحب المنمقين هو إنسان نرجسي لديه الشديد بالعظمة وبأهمية ذاته مع اعتقاده بأنه فريد في طرازه. وهذا مخالف للواقع، المدير الفوضوي المدير الذي لا يعتمد على نفسه، بل يعتمد أو يفوض أو يرمي بالأمور والمهمات ويحب القرارات الشفوية ومع هذا يقبل المشاعر المزيفة من موظفيه الذين يمدحونه ويصفونه بالمدير الديمقراطي. للأسف هذا التوجه أصاب الحياة الزوجية بشرخ أضر بالعلاقة بين الزوجين، الزوج المنمق يردد كلمات وعبارات قرأها أو سمعها لزوجته التي تدرك حقيقيه زوجها ومدي استيعابه لما يقول حتى أصبحت الحياة الزوجية حديقة هشيم تذروها الرياح. إن خطر المشاعر المزيفة على العلاقات الإنسانية خطر كبير يؤدي في أحياناً كثيرة إلى العزلة الاجتماعية والنفور في الطرف الآخر. ليس هناك شك المنمقون يعيشون حالة من الفراغ العاطفي وفوضوي الحواس، وأصحاب المشاعر المزيفة يكرهون القيم الإنسانية والعلاقات الاجتماعية فهم يدركون ما يدور في داخلهم من تناقضات. كما إن الأدوية المزورة تذهب مئات الآلاف من الأرواح سنويا فإن المشاعر المزيفة تحطم القلوب الطيبة. متى نحن البشر نكبح فوضوي المشاعر المزيفة وندرك المخاطر والمآسي.
البعض يستخدم وسائل التقنية في ممارسات سلبية، وبشكل مفرط، ويؤدي ذلك إلى ضياع الأوقات وسوء الأخلاق وفساد الشخص المدمن عليها، لا سيما إذا انجرف وراءها وجعلها في مقدمة أولوياته وكم هم ضحايا تلك الممارسات. لستُ متشائماً من الواقع لكنه واقعنا المرير الذي يسلكه البعض من شرائح المجتمع ومن كافة الطبقات الاجتماعية. هناك أشخاص طيبون طبيعيون في مشاعرهم وعبارتهم، اقتبس: بعض الناس يجعلون حياتك سعيدة، فقط بتواجدهم فيها. (Some people make the world SPECIAL just by being in it)
أخيراً الحياة ليست كلمات منمقة أو مشاعر مزيفة الحياة قيم إنسانية، ومشاعر صادقة. الحياة تعطي الاستقرار والحب والتعايش لكافة أفراد المجتمع فلا تدمروها بالأقنعة المزيفة والمشاعر المزيفة.