إبراهيم بن سعد الماجد
المسؤولية حمل ثقيل، لا يتحملها إلا من آتاه الله بسطة من صبر، ويقظة من ضمير، مع تقدير للأمور ومآلاتها.
وهي في حقيقتها تكليف لا تشريف، فمن استشعر هذا التكليف برأت ذمته عند الله وأمام ولي الأمر الذي ولاه هذه المسؤولية.
وأعظم المسؤوليات أن تكون مسؤولاً في أطهر بقعة على وجه الأرض، ويؤمها المسلمون من مشارق الأرض ومغاربها، تقرباً إلى الله وابتغاء ماعنده.
مكة المكرمة التي قال عنها وعن رسول الهدى صلى الله عليه وسلم، شاعر مكة مصطفى زقزوق:
هو الحبُّ من «أمِّ القرى»
تطوف به الأنسام حيناً وتنشدُ
وتَشْهد أن اللّه لا ربَّ غيره
على منكريه والرسولُ محمّدُ
أقام بأمر الله نهجاً وشرعةً
محجَّته البيضاءً تصفو وترشدُ
لكَمْ دكَّ أنفَ الكبرياءِ بسيفِه
فلا الشركُ منصوباً ولا اللاتُ تُعبدُ
مكة المكرمة التي حظيت بعناية كبيرة وغير مسبوقة منذ تأسيس هذه الدولة المباركة على يديّ الملك عبدالعزيز - رحمه الله - وإلى عهدنا الحاضر.. عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وسمو ولي عهده الأمين - حفظهم الله -، عناية ببيته الحرام والمشاعر المقدسة، وعناية بكل ما يحقق لأهلها وقاصديها أعلى درجات الراحة والأمان.
وقد تولى مسؤولية إدارة الحكم فيها أمراء أجلاء كانت لهم بصماتهم ونجاحاتهم التي حفظها لهم التاريخ.
بالأمس صدر الأمر الملكي الكريم بتعيين الأمير سعود بن مشعل بن عبدالعزيز نائباً لأمير منطقة مكة المكرمة، وهذا التشريف والتكليف وضع فيمن يستحقه، فالأمير سعود من الرجال الذين جمعوا بين الرزانة والحنكة والحكمة وحسن التدين، ولذا فهو قريب من الجميع، وله خبرة سابقة في إمارات المناطق ، حيث سبق أن عمل إبان إمارة الملك سلمان للرياض، موظفاً في الإمارة فخبر العمل الإداري، وما أراه إلا محققاً طموح خادم الحرمين وسمو ولي عهده في مسؤوليته التي أوكل بها.
قلت لسموه عند زيارته مهنئاً: إننا نهنيك بشرف المكان فما من مكان أشرف ولا أعظم من مكة المكرمة، وما من خدمة أجل من خدمة ضيوف الرحمن.
دعوني، بأهدابي، وبالدَّمع يَهْمِلُ
وبالحبِّ من قلبي المتيَّم، أَغسِلُ
دعوني بخدِّي أمْسَحُ الأرض إنني
أرى مسحَها بالخدِّ مَجْداً يُؤثَّلُ
هنا الكونُ، إني أبصر الكونَ ها هنا
كنقطةِ ضَوْءٍ في الشرايين تُشْعَلُ
هنا أُبصِرُ الآفاقَ من حولِ مُهجتي
خيوطاً من الأشواقِ والحبِّ تُفْتَلُ
هنا تصغر الدنيا، هنا يَقْصُر المدى
هنا كلٌّ ما نرجو من الخير يُقْبِلُ
هنا أصبح التاريخُ في حَجْمِ مقلتي
أقلِّبهُ في راحتيَّ، وأَحْمِلُ
نعم وكما قال الشاعر عبدالرحمن العشماوي (هنا الكون) بلدة طيبة ورب غفور.
الكون كله مكة المكرمة وهنا تصغر الدنيا فلا أجمل ولا أعظم ولا أجلَّ من أم القرى.
هنيئاً لأهل منطقة مكة المكرمة بهذا الاختيار الموفق، وهنيئاً لسمو الأمير سعود بهذا التشريف والتكليف الأجمل.