هدى بنت فهد المعجل
ركوب الحافلة لجهة غير معلومة علاج نفسي تطرقت له «كلاريسا بنكولا» الشاعرة الأمريكية، والمحللة النفسية والمتخصصة في دراسات بعد الصدمات. فعلت ذلك وكررت فعله في رحلتي إلى تورونتو. كنت أحمل معي بطاقة مواصلات مدتها شهر كامل أهلتني للركوب المتكرر دون هدف، بالتالي النزول في محطات أجهلها، ثم المشي سيرًا على الأقدام أيضًا دون هدف محدد. كنت خلال تنقلي في الباص ونزولي وسيري على الأقدام أستغل بصري وسمعي وبصيرتي في المشاهدة والتأمل والاستماع لأصوات متعددة منها صوت البشر وصوت الحيوان وصوت الآلات وصوت الحركة، استماع غير مُرتب له مثله مثل تنقلي يخدمني في حركتي غير المؤسس لها قوقل ماب. كنت ابتعد كثيرًا كثيرًا كثيرًا جدًا عن مقر سكني. كنت أنزل في محطات لا تشبهني لكنني كنت أحاول التقارب معها. كنت أسمع لغات جديدة على سمعي. أشاهد ملامح غريبة. أدخل أزقة الدخول إليها جرأة سافرة لكنني فعلتها. كان رفيقي في تنقلي حقيبة على ظهري، رفيقٌ آخر يشاطرني متعة التنقل مفتوح الزمن والمكان، الأيباد أو مكتبتي المتنقلة، حيث من الصعب حمل كتب ورقية تثقل كاهلي بينما هدفي من التنقل حرية الحركة ويسرها بالتالي التخفف من كل ما هو ثقيل ومرهق. المشي في الأماكن المفتوحة بمناظر طبيعية خلّابة بأصوات العصافير تمنحني مشاعر إيجابية، كانت المشاعر الإيجابية طاقة إضافية منحتني مزيدًا من الجهد لأواصل الحركة وأواصل المشاهدة والمراقبة كما لو أن وظيفتي في الحياة مراقبة الأشياء والأطفال والكهول والشباب والقطط نادرة الوجود هناك والكلاب رفيقة أغلب الناس في تورونتو وغير تورونتو من الدول الغربية التي تحقق لي السفر إليها.
وعلى ذكر الكلاب أذكر مرة من مرات تنقلي العشوائي دخلت مطعم ماك على ناصية شارع ما وجلست على المقعد وجهي للواجهة الزجاجية للمطعم. كانت تفتح على الشارع مباشرة. بينما كنت أتناول وجبتي وقف على الرصيف رجل معه كلب ضخم جدًا يبدو كانت نيته الذهاب لمكان لا يسمح بدخول الكلاب، لماذا أقول ذلك!؟
أقول ذلك لأن الرجل حنى ظهره وقرب فمه من أذن الكلب حدّثه بكلام، لأني خلف الزجاج في المطعم لم أسمع ماذا قال له: لكني رأيته أثناء كلامه يُحرك يده ويشير إلى مسافة بعيدة، جلس الكلب، ذهب الرجل، غاب وقتًا غير قصير الكلب على وضعه في مكانه لم يتركه لحظات ثم جاء الرجل صاحب الكلب أخذه ومشى معه.
الكلب في وضعية الجلوس رغم أن زمن غياب صاحبه لم يكن قصيرًا.
رغم أنه على ناصية شارع يضج بالمارة وبالسيارات وبأشخاص معهم كلاب لافتة للنظر جميلة لكن الكلب باق في مكانه لم يتركه.
لو تركت امرأة طفلها وقالت له انتظر هنا ريثما أعود هل سيلبي طلبها وينتظر؟
طاعة الكلاب طاعة عمياء عكس البشر.