د. سامي الدجوي
تعيش المملكة العربية السعودية تقدماً سريعاً في تطبيقها لمفهوم التنوع في القوى العاملة على المنظمات الحكومية والأهلية غير الربحية. وهذا المفهوم هو أحد مفاهيم علم الإدارة، ويقصد بالتنوع في القوى العاملة (Workforce Diversity) هو وجود مجموعة مختلفة من الأفراد في مقر عمل واحد (أو في دولة واحدة) من أجل تحقيق أهداف المنظمة (أو الدولة). تكمنُ المهارة الإدارية في تسيّر العمل بانسجام وتناغم رغم الاختلافات الظاهرة فيما بين هؤلاء الأفراد والتي منها: الاختلافات الثقافية، والعمرية، والمعرفية، والشخصية، والدينية، والمذهبية. وكلما توسعت مجالات التنوع في القوى العاملة أتيحت للمنظمة (أو الدولة) أن تزيد من مهاراتها البشرية، وتصبح أكثر قدرة على الإبداع والمنافسة ،فالاختلافات تجعل الأفراد يشاهدون ويسمعون أشياء جديدة (مختلفة عماكانوا يعرفونه) وهذه الأشياء تزيدهم إبداعا وتجعل المنظمة (أوالدولة) أكثر منافسة مع المنظمات (الدول) الأخرى. فمثلاً جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية (كوريا الشمالية) يقل فيها التنوع الثقافي والعرقي والديني، فدستورها ينص على إلحاد الدولة وعدم السماح لشعبها والزائرين لها بممارسة أي طقوس دينية على أرضها. لذلك نجد أن كوريا الشمالية حالياً كأنها دولة من القرن العشرين. وقد كان التنوع في القوى العاملة ينحصر في بعض المجالات مثل الاختلافات الثقافية، والدينية، والمذهبية، والآن أصبح التنوع أشمل وأعم، ويضم العديد من المجالات التي منها الاجتماعية، والاقتصادية، والديموغرافية. فنحن نعرف ما هو التنوع الاجتماعي والتنوع الاقتصادي، فما هو التنوع الديمغرافي؟
يقصد بالديموغرافيا باختصار علم السكان ودراسة مجموعة من خصائص السكان، والتي منها الخصائص الكمية (مثل: الكثافة السكانية، والتوزيع السكاني بين المدن، والنمو السكاني، ونسبة الرجال والنساء العاملات). التنوع الديموغرافي لا يقل أهمية عن التنوع الثقافي. وجميع مجالات التنوع في القوى العاملة لها تأثير على المنظمة (الدولة)، وهذا التأثير يشمل النواحي التشريعية، والسلوكية، والأمنية. فمثلاً من الناحية التشريعية، فقد صدر مرسوم ملكي عام 1439هـ بالموافقة على «نظام مكافحة جريمة التحرش» خاصة بعد زيادة عدد النساء العاملات.
ختاماً، فإن تطبيق المنظمات لمفهوم التنوع في القوى العاملة له منافع كثيرة على المنظمات والدول، منها زيادة المهارات البشرية. وقد توسعت مجالات التنوع لتضم التنوع الديموغرافي مثل زيادة عدد النساء العاملات، مما أدى إلى التأثير الإيجابي على نواح أخرى مثل النواحي التشريعية، والسلوكية، والأمنية.
** **
- دكتوراه في الإدارة الاستراتيجية