خالد بن حمد المالك
يحاول العدو الإسرائيلي أن يمتص الاحتقان والغضب لدى مواطنيه بإعطاء معلومات عن انتصارات وهمية على المقاومة الفلسطينية في غزة، فتارةً يقول إنه قضى على نصف قوتها، وتارة أخرى يتحدث عن أن حماس لم تعد قادرة كما كانت عليه قبل الحرب البرية في مواجهة جيش إسرائيل، فيما يتساقط ضباط وجنود إسرائيل يومياً بين قتيل وجريح، وبأعداد كبيرة باعتراف إسرائيل، وفيما تستمر حماس في إعطاب الدبابات الإسرائيلية، وإرسال الصواريخ بكثافة على غلاف غزة وعلى تل أبيب مؤكدة بذلك خلاف ما تدعيه إسرائيل.
* *
الضغط الذي تواجهه حكومة الحرب الإسرائيلية المصغرة سواء بالداخل أو بالخارج لإيقاف هذا العدوان على الفلسطينيين، وضع هذه الحكومة في حالة من الارتباك، فهي تتحدث عن مواصلة القتال، وعن عدم القبول بأي هدنة، أو إيقاف للقتال حتى تحقق أهدافها في تحرير الأسرى، والقضاء على حماس، وبسيطرتها على قطاع غزة أمنياً، لكنها مع هذه الضغوط، وفشلها في إدارة الحرب تتراجع، وتقبل بمبادلة الأسرى، وبالاستجابة للكثير من شروط حماس التي رفعت سقف شروطها بسبب إخفاق الجيش الإسرائيلي في هزيمتها.
* *
المستوطنات الإسرائيلية، والمدن الإسرائيلية أصبحت غير آمنة، فما زالت صواريخ حماس تصل إليها، وتهدد الأمن فيها، وتضع جيش العدو في حالة استنفار دائم دون أن يقضي على مصادر إطلاقها، فيما أن هذا الجيش يتحدث لمواطنيه بأنه حيد قدرات حماس، وأنها لم تعد قادرة على إيذاء الإسرائيليين على حد قول رئيس الوزراء ووزير الدفاع، وآخرين ممن يتحدثون عن مسار هذه الحرب من الإسرائيليين.
* *
وما لا يقبل الجدل، وتأكد للعالم كله أن معلومات إسرائيل عن الحرب كاذبة، فهي لا تعطي الأرقام الحقيقية عن القتلى والمصابين والمفقودين من جيشها، وتتحدث دون إثبات عن قتل قيادات وعناصر في حماس يصل عددها إلى نصف حماس، لكنها لا تسمي أي اسم، ولم تلق القبض على شخص واحد من أفراد حماس أو الجهاد، ما يعني ويفسر أن ما تصرح به إسرائيل هو من باب رفع معنويات جيشها، وتطمين الشارع الإسرائيلي بتحقيق انتصارات وهمية.
* *
حتى الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا وألمانيا بدأت تتراجع عن مواقفها السابقة، وتتحدث عن ضرورة إيقاف الحرب وإن بنسب مختلفة، وتذهب بعيداً في قناعتها بأهمية تحقيق دولة للفلسطينيين ضمن خيار الدولتين الذي كاد أن يُنسى لولا طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر الماضي، الذي هزّ القوة الإسرائيلية وأظهر ضعف جيش إسرائيل، وفشل استخباراتها، ثم فشل اجتياح جيشها البري لقطاع غزة.
* *
لم يبق لإنهاء ما يجري الآن في غزة من حرب إبادة وتهجير إلا إلزام إسرائيل بإيقاف مجزرتها ضد المدنيين الفلسطينيين، وهذه مسؤولية أمريكا وحلفائها، الذين شرّعوا لإسرائيل قتل المدنيين، وهدم المباني، وتحويل قطاع غزة إلى أرض محروقة، وتالياً أن يبدأ العمل الحقيقي والصادق لقيام الدولة الفلسطينية، على حدود عام 1967م وعاصمتها القدس، لأن التفكير بغير ذلك، إنما يعني استمرار القتال، واستمرار عدم الاستقرار، وجعل إسرائيل بلا أمن، ومن غير سلام، وهو ما يجب أن تفهمه أمريكا التي تدعم العدوان، وتتصرف بما يخالف حقوق الإنسان وحريته وحقه في الوجود، إمعاناً في دعم إسرائيل على حساب حقوق الفلسطينيين المشروعة.