خالد بن حمد المالك
فاضت دموع من نجا من الفلسطينيين من قَتْلٍ يبيحه العالم بحق الأبرياء من أهل غزة، وتنامى الحزن بما لم يعد هناك مزيدٌ على ما هو عليه حال المدنيين في قطاع غزة، واستعصى على العالم حتى لا يُغضِب إسرائيل أن يقول للعدو المغتصب كفى قتلاً ودماراً مما فعله جيش إسرائيل في هذا الجزء المقاوم من فلسطين المحتلة.
* *
هناك مئات القتلى يومياً، ومثلهم تحت الأنقاض، وبنفس العدد من الجرحى في عدوان وحشي لا يَقدِمُ عليه ولا يؤيده ولا يدعمه إلا من هانت عليه نفسه فهان عليه غيره، ومن فَقد إنسانيته فلم يعد يكترث بإنسانية الآخرين، في سلوك مشين، ودون وضع أي اعتبار لآدميته، فإذا به يتصرف على أنه يقتل ويعذب حيوانات -كما يدعي!!- لا أوادم يدافعون عن حقوقهم وكرامتهم.
* *
وَيلٌ لهذا العالم -غير العادل- الذي يمنح الأسلحة لإسرائيل ليتم توزيعها لكل فرد من الإسرائيليين ليقتلوا بها الفلسطينيين أمام أنظار العالم ومباركته وتأييده، متجاوباً مع ادعاء إسرائيل على أنها بذلك تدافع عن نفسها، وأمام من؟ أمام مجموعة من المدنيين في الضفة الغربية، بينما تستخدم لذات المهمة في قطاع غزة أعتى الأسلحة وأحدثها، وبجيش يقول إنه يمتلك الخبرة والتخطيط في ممارسة القتل الممنهج لكل فلسطيني يمشي في الطرقات، أو يقبع في منزله، ولا صوت يعلو على صوت إسرائيل، واعجبى!!.
* *
هو هكذا العالم الظالم، وتحديداً أمريكا ودول أوروبا، فهم لا يرون إلا ما يراه الإسرائيليون، ولا موقف لديهم إلا بما يرسّخ الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين، ولا شيء عندهم يخالف ما تمليه تل أبيب على واشنطن ولندن وباريس، وعواصم أوروبية أخرى، في ظاهرة عدوانية لا مثيل لها في التاريخ.
* *
هل أزيد في القول وأسأل: لماذا لا يؤخذ بالمبادرة العربية، وباتفاق أوسلو، وبقرار الشرعية الدولية بالتقسيم، وتطبيق خيار الدولتين، وتحويل هذا الخيار من كلام لا قيمة له إلى فعل مُلزم، ومن حقوق ضائعة يتم تداولها دون تطبيق إلى إلزام، فتُمنع الحرب، ويتحقق السلام، وتعيش الدولتان معاً في إخاء؟.
* *
رئيس الوزراء الإسرائيلي وكل القيادات الإسرائيلية تتحدث بوضوح بأن لا دولة للفلسطينيين، وأن اتفاق أوسلو لم يعد ملزماً أو مقبولاً تطبيقه لدى تل أبيب، وأن الحرب مستمرة، حتى مع تنامي الضغوط العالمية، وأن على الأمين العام للأمم المتحدة أن يقدم استقالته لأنه قال وتحدث عن خيار الدولتين، ووصف الوضع في غزة بأنه جحيم.
* *
إسرائيل بدون أمريكا والغرب هي دولة من ورق، وحتى مع هذا الدعم الأمريكي الغربي ها هي أمام فصائل فلسطينية محدودة الإمكانيات يمرغ جيشها في تراب غزة بين قتيل وجريح وأسير، لهذا فالحرب ستطول، والحرب إن توقفت ستعود وتتكرر من جديد، طالما بقي العدو الإسرائيلي متشبثاً بالاحتلال، وطالما بقيت أمريكا والغرب يعملون ضد حقوق الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال والعيش بكرامة على أرضه ودولته وعاصمتها القدس الشريف.