منى السعدي
اللغة العربية هي لغة الكمال التي اختارها الله عز وجل أن تكون لسان العرب فأنزل بها كتابه الكريم وجعلها لسان خاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم، وهي من أجمل لغات العالم تحمل خصائص الأمة وتاريخها وعقيدتها وتصوراتها.
لقد ورد ذكرها في العديد من الأقوال ونبدأ بها في كتاب الله العزيز الحكيم قال تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}.
وقال تعالى: {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ}.
وأجمل ما قيل عنها عند علماء السلف، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: (تعلموا اللغة العربية فإنها تُثبتُ العقل، وتزيد في المروءة).
وقال ابن القيم الجوزية، رحمه الله (وإنما يعرف فضل القرآن من عرف كلام العرب، فعرف علم اللغة وعلم العربية، وعلم البيان، ونظر في أشعار العرب وخطبها).
لقد دافع عنها أكابر شعراء العربية ضد الهجمات الخبيثة المتتالية عليها من أعدائها المستشرقين الذين دعوا إلى كتابتها بالحروف اللاتينية في مطلع القرن الماضي ومنهم الشاعر ( نبيل حافظ إبراهيم) رحمه الله والتي يقول فيها:
وسعتُ كتابَ الله لفظًا وغايةً
وما ضِقْتُ عن آي بهِ وعظاتِ
فكيفَ أضيقُ اليوم عن وصفِ آلةٍ
وتنسيق أسماءٍ لمُخترَعاتِ
أنا البَحرُ في أحشائه الدر الكامن
فهل ساءلوا الغوّاص عن صدفتاي
وتأتي قصيدة أمير الشعراء أحمد شوفي التي وضّح فيها جمال اللغة العربية وعمق محاسنها حيث قال:
إن الذي ملأ اللغات محاسنا
جعل الجمال وسره في الضاد
وعن كمال اللغة العربية قال المستشرق الفرنسي رينان: (من أغرب المُدهشات أن تنبتَ تلك اللغة القومية وتصل إلى درجة الكمال وسط الصحاري عند أمّةٍ من الرُحّل، تلك اللغة التي فاقت أخواتها بكثرة مفرداتها ودقة معانيها وحسن نظام مبانيها، ولم يعرف لها في كل أطوار حياتها طفولة ولا شيخوخة، ولا نكاد نعلم من شأنها إلا فتوحاتها وانتصاراتها التي لا تُبارى، ولا نعرف شبيهًا بهذه اللغة التي ظهرت للباحثين كاملة من غير تدرج وبقيت حافظة لكيانها من كل شائبة).
وعن سعتها قال المستشرق الألماني كارل بروكلمان: (بلغت العربية بفضل القرآن من الاتساع مدىً لا تكاد تعرفه أي لغةٍ أخرى من لغات الدنيا، والمسلمون جميعًا مؤمنون بأن العربية وحدها اللسان الذي أُحِلّ لهم أن يستعملوه في صلاتهم).
وفي الختام، ليس هناك لغة تستطيع أن تطاول اللغة العربية في شرفها، فهي الوسيلة التي اختارها الله لحمل رسالته، ووحدها من تسمو بقوة بيانها، وليس هناك من يضاهي العربية في ثروتها المدهشة من ناحية المرادفات والدقة والإيجاز والمجاز والاستعارة، وخصائصها جمة في الأسلوب يصعب منافستها.