عمر إبراهيم الرشيد
من عادتي أن أستغل أوقات الفراغ في العمل بالقراءة، مفضلاً كما تعودت الكتاب الورقي على ما سواه. وفي أحد تلك الأوقات وحين كنت أقرأ، اقترب مني موظف الأمن في المنشأة التي أعمل بها وسألني عما أقرأ.
وبعد أن أوجزت له موضوع الكتاب رد بأنه يود الاطلاع والقراءة سائلاً عن اقتراحاتي له بذلك.
وبما أني كنت أقرأ رواية كلاسيكية من الأدب الإنجليزي، فقد وعدته بإحضار كتب من مكتبتي المنزلية تقديراً له ولحرصه كما أبدى على التزود بالثقافة.
وبالفعل فقد كان، وأهديته كتابين أحدهما رواية تاريخية - هي الرواية المبنية على أحداث أو شخصية تاريخية حقيقية - والأخرى رواية إنسانية وشبه خيالية، وذلك بأن المؤلف أياً كانت ثقافته وانتماءاته، فإنما يعبر عن واقعه ومجتمعه أو أسرته بقالب روائي مع إضافات وخيال سردي يتطلبه العمل الروائي.
هذا استطراد أحببت أن أضيفه قبل مواصلة حديثي عن هذا الشاب المهذب والطموح.
سألته عن مدينته فقال لي إنه من جازان، فلم أستغرب هذه الهمة والطموح ودماثة الأخلاق، فجازان حاضرة ولادة للنابغين في العلم والأدب والطب والتجارة والسلك العسكري، مشاركين مع مواطنيهم من باقي مناطق ومدن المملكة في حماية ظهر الوطن من المتربصين به.
ولا ننسى الميدان الرياضي بحكم التحول الوطني بجعل الرياضة قطاعاً حيوياً يسهم في التنمية الوطنية والرؤية والناتج المحلي، فلاتجد فريقاً رياضياً في مختلف الألعاب وليس في كرة القدم فقط، إلا وأبناء جازان عناصر رئيسية في ذلك الفريق.
جازان معتدلة في مناخها وفي أهلها كذلك فالإنسان ابن بيئته، فالإنسان الجازاني هادئ الطبع، لكنه لا يرضى بالكسل بل يقدس العمل، مع تحمل العوائق والصعاب وإن كانت كالجبال، ولا يستنكف العمل في أي مهنة شريفة تكفيه التواكل، مع طموح للتطوير الذاتي والتحصيل العلمي أثناء العمل، وتلك ميزة قل من يصبر عليها.
ولقد شهدت هذه المنطقة الحيوية من وطننا نقلات جبارة، فمن جامعتها المتميزة إلى مصفاتها النفطية، ومن إمكاناتها السياحية وطبيعتها الخلابة إلى منتجاتها الزراعية التي تفوقت على مثيلاتها العالمية من المانجو والقهوة والأسماك وغيرها من مقومات المجتمعات الناجحة إنتاجاً واكتفاءً.
جازان منطقة غنية بأهلها قبل أرضها، ومكون غني من مكونات الوطن الإنسانية والاقتصادية والثقافية، إنها جازان الثرية، إلى اللقاء.