د.عبدالعزيز بن سعود العمر
لا يوجد على الإطلاق استثمار طويل الأمد ومضمون العائد مثل الاستثمار في التعليم، وهو في جوهره استثمار في الإنسان من أجل تحقيق النمو والتطور الاقتصادي، إنه استثمار يصنع فرص عمل واعدة أمام جيل الشباب، وذلك من أجل مستقبلنا المشترك، والتعليم بجانب كونه المحرك الأقوى للنماء الاقتصادي يعد أداة لتحقيق العدالة الاجتماعية.
ولعل ما يحدث اليوم في كوريا الجنوبية وفي سنغافورة، أصدق مثال على الارتباط بين التعليم والاقتصاد، فقد حققت هاتان الدولتان قفزات اقتصادية هائلة، وذلك بفضل جودة وتميز تعليمهما، يؤكد ذلك تحقيق طلاب هاتين الدولتين لدرجات تفوق ما حققه طلاب أوروبا والولايات المتحدة على اختبارات العلوم والرياضيات الدولية.. ولكن ما سر تفوق تعليم كوريا وسنغافورة؟
السر يكمن في كون تعليم هاتين الدولتين وضع تدريس مفاهيم الاقتصاد (والاقتصاد المعرفي تحديدًا) في بؤرة اهتمامات مناهجه.
لقد برز اليوم في تعليمنا توجه يؤكد أهمية أن تكون قيادات التعليم مؤهلة ومتمكنة في توجيه وتوظيف التعليم لخدمة الاقتصاد والاستثمار، وهو توجه تعليمي عالمي يغير اليوم وجه التعليم فالتعليم لم يعد اليوم مجرد خدمة تقدمها الدولة لمواطنيها (كما تقدم الخدمات الصحية وخدمات الطرق)، فالحديث التعليمي اليوم يدور حول مفاهيم اقتصادية مثل زيادة سنوات التعليم بهدف تحسين الحالة الاقتصادية الاجتماعية للفرد، ورفع الناتج المحلي الوطني، كما تضمن التوجه الاقتصادي للتعليم، إدخال برامج ومسارات تخصصية في المرحلة الثانوية، بقصد تمهير مخرجات التعليم العام، وإعدادهم ليساهموا في نمو سوق العمل المحلي والعالمي.
ولعل أبرز التوجهات الاقتصادية للتعليم، تمثل في ظهور توجه عالمي جديد في المناهج، وهو التوجه المعروف بـ: توجه ستم (STEM)، هذا التوجه التعليمي هو الذي سوف يخلق فرص العمل الجديدة في القرن 21.