سلطان مصلح مسلط الحارثي
لله ما أعطى ولله ما أخذ وكل شيء عنده بمقدار، الموت سنة الحياة، وكلنا ذات يوم راحلون، ولا يبقى في هذه الدنيا إلا العمل الصالح والذكر الطيب، وهذا ما حققه سمو الأمير بندر بن محمد بن سعود الكبير، رئيس هيئة أعضاء شرف الهلال، ورئيسه «الذهبي» الذي رحل عن دنيانا أمس الأول، تاركاً خلفه إرثا رياضيا كبيرا، لا يمكن لأي رياضي أن يتجاهله، فقد كان أحد أهم «الرموز» الرياضية على مستوى كرة القدم السعودية وليس نادي الهلال فقط، فما قدمه منذ تأسيس مدرسة الهلال، لم يقدمه غيره إلا إذا استثنينا المؤسسين ورواد الحركة الرياضية في بداية نشأتها، إلا أن بندر بن محمد صنع من مدرسة الهلال «أكاديمية» سبق من خلالها أوروبا والعالم، ليتخرج منها «أساطير» كرة القدم السعودية ونجومها، وعلى رأسهم يوسف الثنيان وسامي الجابر وأبناء التمياط وخالد التيماوي وفيصل أبو ثنين، وغيرهم من النجوم الذين اعتزلوا وما زلنا نتذكر أمجادهم التي صنعوها للكرة السعودية بشكل عام، وللهلال بشكل خاص، ويعود الفضل بعد الله لبندر بن محمد الذي سبق الجميع بفكره الرياضي.
أما بندر الرئيس، فقد كانت فترته ذهبية بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى، فقد حقق 9 بطولات، منها محلية وخليجية وعربية وآسيوية، ولذلك أُطلق عليه الرئيس الذهبي، كما أن في فترته، استطاع الهلال أن يتعاقد مع أفضل النجوم سواء المحليين أو الخليجيين من أمثال محمد الدعيع وبشار عبدالله وجاسم الهويدي، كما أن في فترته تحققت «أغلى وأهم» بطولة لدى الهلاليين، وهي بطولة «كأس المؤسس» التي أقيمت عام 2000 ولن تتكر إلا بعد 76 سنة من الآن.
وعلى مستوى العضوية الشرفية، فقد كان داعماً مالياً ومعنوياً لجميع الرؤساء الذين مروا على الهلال، وكان قريبا منهم، يستشيرونه في كل مرة يحتاجون فيها للاستشارة، ويقعون في مشكلة، فيأتي دور بندر بن محمد، ويتصدى لهذه المهمة بكل اقتدار، ولم تمر أزمة في الهلال، إلا وقد كان بندر بن محمد في مقدمة من يسعى لحلها، وهذا ما جعل أعضاء الشرف يتفقون على ترشيحه لرئاسة هيئة أعضاء الشرف بعد رحيل الأمير هذلول بن عبدالعزيز، وقد ملأ المكان بكل اقتدار.
بالأمس رحل بندر، ولكنه سيظل في ذاكرة كل الرياضيين، فقد عرفوا عن سموه الابتسامة التي لا تفارق محياه، وعرفوا عنه حسن الخُلق، وعدم التجاوز ضد أي شخص أو شخصية أو كيان، وهذا ما نشهد به، بعد أن التقينا بسموه عدة مرات، كان فيها بشوشاً ضحوكاً، يستقبل الجميع بصدر رحب، يمزح مع هذا، ويضحك مع الآخر، ولا يقبل بأي حال أن يُمس في مجلسه نادٍ أو شخص، ولا يقبل بذلك حتى وإن كانت ردة فعل.
رحم الله الأمير بندر بن محمد وغفر له، فقد كان لرحيله أثر كبير على وسطنا الرياضي، الذي افتقد سموه منذ ما يقارب 4 سنوات، كان فيها يعاني أمراضا مزمنة، ندعو الله أن تكون تخفيف ذنوب عنه.