ميسون أبو بكر
تبهرك باريس دوماً مهما تكررت زياراتك، فإن للقائها دهشة اللقاء الأول، هي صيفاً كراقصة الباليه، رشيقة أنيقة بألوان زاهية وزوار يحاكون أناقتها، ملابس حريرية خفيفة الظل معظمها من -بوتيكاتها- الفاخرة التي تقصدها النساء للتبضع والتنزه في شارع الشانزليزيه العريض الذي أصبح اليوم كمولات الدول العربية التي تغلق إلى وقت متأخر.
عبقُ دهن العود بين محالها الفرنسية المنبعث من أحد المحال العربية التي تبيع العود، ويقصده الأجانب أكثر من العرب، وهم العاشقون للاطلاع على ثقافة الشعوب وتفاصيل حياتهم.
باريس في الشتاء أيقونة أخرى فهي -كفاترينا- كبيرة لعرض المعاطف الجلدية والفرير والمنسوجات الصوفية الثقيلة التي يلتحفها الناس ليحتموا من بردها الشديد، والتنقل في الشتاء صعب نظراً لشوارعها المزدحمة وأمطارها الغزيرة وسمائها الغائمة معظم الوقت؛ ثم إن مقاهيها تكاد تختنق بأنفاس زوارها الذين يبحثون عن مقعد فارغ في وسط زحامها ومشروب ساخن. باريس شهدت قبل أيام الإعلان عن المدينة الفائزة لتنظيم المعرض الدولي لعام 2030 والتي فازت بها الرياض، وقد حضر وفد سعودي استثنائي إلى مقر المؤتمر في مودون غرب العاصمة الباريسية، والذين تابعنا فرحتهم الغامرة بعد فوز الرياض لاستضافة الحدث.
حضرت الرياض ببهجتها وسفرائها القادمين من قلبها لقلب باريس، حيث تعانقت العاصمتان معاً بكل ما تحمله كلتاهما من أصالة وحضارة وتفاؤل بالمستقبل الذي يستشرفه إكسبو الرياض 2030، والذي يحرص على مفهوم الازدهار للجميع.
مررت بباريس ليلتها كان عبق القهوة السعودية بالهال يشارك باريس أنفاسها، وحضرت في ذهني أنواع التمور التي تجود بها نخلات وطني، والتي يعشقها الفرنسيون ويطلبونها.
يسأل معظمهم عن الأكلات الشعبية السعودية لأنها ثقافة ترسم للآخر تصوراً عن طبيعة الشعب السعودي واقتصاده وثمار بلده وطريقة طهيه التي تختلف مع كل منطقة من مناطقها الممتدة عبر مساحتها العظيمة.
الكرم السعودي يبهر الغرب دوماً في تفاصيل مائدته والأكلات التي تقدم، لذلك يحرص مهتمون بهذه الثقافة على الحضور والتعرف عليها أكثر، وحدثني أساتذة جامعات ومثقفون فرنسيون كيف ينظرون للمملكة كثقل عربي كبير وقائدة للعالم العربي والإسلامي.
ودّعت باريس بعدما احتضنت بها كل ما شاهدت وتخيلت وخطى أبناء وطني الأخضر الذين مروا قبل أيام تاركين وهجهم؛ وفرحة انتصاراتهم بعد إعلان إكسبو الرياض 2030، وبعدما رفرفت أعلامهم في سماء المدينة الشتائية، تحدث من جاء بعدهم أنهم هنا كانوا،، فما أجمل عبقهم وما أحلى الفرح ومظاهره وأهله.