سارا القرني
عندما نتحدث عن الذكاء الاصطناعي، فإن الفكرة تعود إلى فترة طويلة من التاريخ، تعود جذور الذكاء الاصطناعي إلى العصور القديمة، حيث كان الناس يتخيلون وجود كائنات ذكية آلية تشبه البشر، قادرة على التفكير واتخاذ القرارات، ومع تقدم التكنولوجيا والعلوم الحاسوبية، بدأت أفكار الذكاء الاصطناعي تأخذ شكلًا أكثر واقعية.
ولكن فقط في العقود الأخيرة، بدأ الذكاء الاصطناعي يتطور بشكل كبير، حيث بدأت الأجهزة الحاسوبية تصبح أكثر قوة وقدرة على المعالجة، وتوفرت كميات ضخمة من البيانات وحلول التخزين، في البداية.. كان الهدف الأساسي للذكاء الاصطناعي هو إنشاء أنظمة قادرة على محاكاة الأنشطة الذهنية المرتبطة بالبشر، مثل التعلم والتفكير واتخاذ القرارات.
مع مرور الوقت، بدأت تظهر التطبيقات العملية للذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات، منها الطب والإنتاج والتجارة وقطاع السيارات وغيرها. وفي عام 1956م عُقدت ورشة عمل في مدينة دارتموث الأمريكية تم الإعلان فيها عن مصطلح «الذكاء الاصطناعي» والذي بدأ يشير إلى دراسة وتطوير أجهزة كمبيوتر لتنفيذ وظائف تتطلب الذكاء البشري.
تعتبر جائحة كوفيد-19 من أهم الأحداث التي ساهمت في تسريع تطور الذكاء الاصطناعي، ومع انتشار الوباء، تم تعزيز الحاجة إلى حلول تكنولوجية للتعامل مع التحديات الصحية والاقتصادية والاجتماعية التي أحدثتها الجائحة، وتم استخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات الضخمة لتتبع انتشار الفيروس وتوقع الانتشار المستقبلي وتطوير علاجات جديدة وعمل تطبيقات لتتبع العدوى والتواصل الاجتماعي الآمن.
من المؤكد أن الذكاء الاصطناعي قد تسبب في تطورات جذرية في مجالات عديدة، حيث أصبح بإمكان الآلات تحليل البيانات بسرعة ودقة كبيرتين، واتخاذ القرارات المعقدة، والتعلم من تجاربها السابقة، وهذا يوفر فرصًا هائلة للبشر في الاستفادة من التكنولوجيا لتطوير العمليات وزيادة الكفاءة وتحسين الحياة بشكل عام.
واحدة من أكبر الطفرات في الذكاء الاصطناعي حدثت في عام 2012م حين استطاعت شركة جوجل تطوير نموذجٍ اصطناعيٍّ يُسمى «Deep Learning» القادر على التعرف على الصور بدقة وكفاءة عاليتين، هذا الاختراق الذكي سمح بتحسين أداء التعرف على الصور والتعرف الصوتي بشكل كبير، وساهم في استخدام الذكاء الاصطناعي في العديد من التطبيقات مثل التعرف على الوجوه وترجمة النصوص وغيرها.
باستخدام الذكاء الاصطناعي بشكل صحيح ومستدام، يمكننا الاستفادة من إمكاناته الهائلة وتطوير مجتمعات أكثر تقدمًا ورفاهية، ومع الاستزادة في البحث والابتكار، سنشهد مزيدًا من التقدم في هذا المجال وظهور طفرات أخرى في المستقبل القريب، ومع ذلك، فإن هناك أيضًا آثارًا سلبية للذكاء الاصطناعي، من بينها قلق بعض الناس من تهديد الآلات لوظائفهم، وأخلاقيات استخدام البيانات والخصوصية، وتحديات التحكم في النظم الذكية لضمان عدم انحرافها عن الأهداف المحددة.
باختصار، الذكاء الاصطناعي قد قدّم نقلة جديدة في عالم التكنولوجيا وأثر بشكل إيجابي في حل العديد من التحديات، ومع ذلك، يجب أخذ الاحتياطات اللازمة للتعامل مع الآثار السلبية المحتملة وضمان استخدام الذكاء الاصطناعي لصالح البشرية.