عبد العزيز الهدلق
في ظل هذه الطفرة الرياضية الكبيرة التي تعيشها بلادنا باهتمام ودعم القيادة أيدها الله، والإنفاق المالي السخي، الذي جلب أفضل الأسماء العالمية إلى أنديتنا، والطموحات والآمال الكبيرة التي بشّر بها سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله، بأن تكون رياضتنا عالمية، ويكون دورينا من أفضل عشرة دوريات في العالم، هل واكب الإعلام الرياضي هذه النهضة وهذه الطفرة التي صنعتها القيادة؟ وهل استوعب الإعلام الرياضي بشكل عام، والإعلام المرئي على وجه الخصوص هذه الأبعاد؟ وعندما أخص الإعلام الرياضي المرئي فلأنه الأكثر متابعة وتأثيراً اليوم في الشارع الرياضي.
فهل ما نشاهده في غالبية البرامج والقنوات التلفزيونية الرياضية يدعم هذه التوجهات الحكومية. ويساند المشروع الرياضي الوطني الضخم؟
للأسف لا.
فالحركة الرياضية تعمل بأقصى طاقتها، وسمو وزير الرياضة ومساعدوه يواصلون العمل بلا كلل ولا ملل، من أجل تحقيق رؤية سمو ولي العهد.
والأنشطة الرياضية أصبحت تمارس اليوم في المملكة بهوية عالمية، سواء المسابقات والمنافسات المحلية، أو باستقطاب المنافسات والرياضات العالمية لتقام على أرض المملكة وملاعبها. ومع ذلك فالإعلام الرياضي المرئي لازال أغلبه يدور في فلكه القديم. نادينا أفضل من ناديكم, وفريقنا أحسن من فريقكم, ولاعبنا أقوى من لاعبكم, ويستقطب لبرامجه المتعصبين كنقاد حصريين, ويذر الرماد في العيون باستقطاب ناقد موضوعي يضيع صوته وحضوره بين أصوات وضجيج المتعصبين في الاستديو.
وتكون «الشرهة» أكبر على القناة الرياضية السعودية الرسمية والحكومية. وهي تجاري ذلك الغثاء، وتبتعد عن مواكبة النهضة والتطور الرياضي، وعن رؤية القيادة. فبينما ينتظر الجميع محتوى مرئياً راقياً، في تناوله وطرحه ورؤيته يواكب المرحلة ويرتقي إلى مستوى ما يحدث في البلد من حراك وتطور، نجده يعود لفكره القديم وطرحه العقيم.
للأسف إن غالبية ما نشاهده اليوم من برامج تبث على الهواء لساعات طويلة لا يخدم رياضة الوطن، ولا يخدم تطورها، بل إنه يسير عكس اتجاه رؤية الوطن، وصناع القرار. فتأجيج التعصب لا يخدم المشروع الرياضي الوطني، والطرح السطحي لا يخدم المشروع الرياضي الوطني، وتمرير الكذب والتضليل في البرامج لا يخدم المشروع الرياضي الوطني، وإشغال ساعات البث بطرح أشبه بالغثاء لا يخدم المشروع الرياضي الوطني. بل يحطم المشروع، فالدولة تخطط وتنفق وتبني، وتطور، والإعلام يسير في اتجاه معاكس.
نتمنى أن ينفض المسؤولون عن تلك القنوات والبرامج غبار السنين، وأن يظهروا على المشاهدين بصورة جديدة ورؤية مختلفة، تواكب رؤية الوطن، وتساند مشروعه الرياضي الوطني الكبير، وترتقي بمحتواها وطرحها إلى مستوى ما يحدث في البلد من حراك شامل، وتغلق تماماً الباب أمام المتعصبين الذين يملؤون الفضاء ضجيجاً وتشاحناً. وتبدأ مرحلة جديدة عنوانها مع المشروع الرياضي الوطني، ومع رؤية سيدي ولي العهد، ومع الخطوات والجهود الجبارة لسمو وزير الرياضة، ومع وعي الجمهور، واحترام عقليته، ورغبته في مشاهدة طرح راقٍ، ومحتوى غني بما يفيد ويمتع.
ولكن هيهات...
فللأسف إن الكثير من البرامج أصبحت اليوم مرتعاً للمتعصبين, ولمتدني الوعي، وسطحيي الثقافة. تلبي رغباتهم الجاهلة وتشبع نهمهم التعصبي.
أما أصحاب الوعي والثقافة، ممن يحبون الرياضة، ويتطلعون لمشاهدة محتوى يخاطب عقولهم، وأذهانهم، ويرتقي لمستوى ثقافتهم، فلا مكان لهم للأسف في حسابات هذه البرامج.
لقد اختفى الرياضيون المثقفون من الظهور في البرامج، أو تم إخفاؤهم، واختفى المتعلمون، والمتخصصون، وأصحاب الفكر والكفاءة الإعلامية، وأصبح الطلب في الظهور على المتعصب، وعلى من يسيء للنادي المنافس ولاعبيه، وعلى العنصر الأكثر تهريجاً، والعنصر الأعلى ضجيجاً. لقد اختفت الفكرة الخلاقة، والطرح العقلاني المتزن، وأصبحت سيادة الظهور للسطحي، والجاهل والمتعصب.
وللأسف إن نار هذا التعصب الذي تشعله تلك البرامج وصل إلى حدود المنتخب الذي أصبحت مهاجمته متاحة تحت غطاء النقد الزائف، وبات النيل من إدارته ومدربه ممكناً، والإساءة للاعبين الذين يمثلونه مشروعاً وفقاً للمصلحة الخاصة المتدثرة بغطاء المصلحة العامة زيفاً وبهتاناً.
ولن يتطور الإعلام الرياضي المرئي بنفس أدوات وأشخاص هبوطه وسقوطه. وإذا كنا سعداء ببرنامج أو اثنين من تلك البرامج فالغالبية تعيش في زمن غير زمننا. لاتعي مشروع الاستثمار الرياضي والخصخصة التي نعيش اليوم انطلاقتها. ولا تملك رؤية ولا رسالة غير نادينا وناديكم، ولا عبنا ولاعبكم.
زوايا
** التحكيم ليس بعيداً عن كثير من غالبية الإعلام الرياضي المرئي الذي يسير في اتجاه معاكس لرؤية سمو ولي العهد بالتطوير الرياضي، فللأسف أن لجنة الحكام ومعها اتحاد الكرة لا يواكبون هذا المشروع الرياضي الوطني الكبير، فبعد استقطاب أفضل لاعبي العالم لأنديتنا نحضر حكاماً أجانب (أبو ريالين) لإدارة مباريات هؤلاء النجوم، الذين يلعبون في واحد من أفضل عشرة دوريات في العالم. هل هذا مقبول؟
** حكام من فنزويلا والسلفادور يحضرون إلى دورينا كحكام أجانب, ما هذا الهوان يا اتحاد الكرة؟ أين حكام النخبة الأوروبيون؟ إن عذر عدم قبولهم المجيء إلى دورينا فشل من قبل المفاوض؟ وأعذار الانشغال بالدوري الأوروبي غير مقبولة, فمالذي تغير عن المواسم السابقة التي كانوا يحضرون فيها رغم أن المسابقات لم تتغير؟
** كلما ظهر انتقاد لتصرفات اللاعب كريستيانو رونالدو غير المقبولة تجاه الحكام سارع البعض لإسكات ذلك النقد بادعاء أن صاحبه ضد المشروع الرياضي الوطني.
** كان عذر الهزيمة المؤلمة من الهلال في 1 ديسمبر أنها بأخطاء التحكيم، وبعد أن ظهر المشجع السنغالي في نادي الهلال تم الغمز واللمز واتهامه بالسحر وأنه سبب الهزيمة, وهذا يعني أنهم على استعداد لتعليق أسباب الهزيمة على أي سبب إلا ضعف فريقهم وتفوق المنافس فهذه لا يمكن الاعتراف بها.
** فهمت إدارة الهلال اللعبة التحكيمية فطلبت استقدام طاقم حكام أجنبي كامل لمباراة فريقها الكروي أمام النصر، فكانت المباراة نموذجية تحكيمياً. ولكنها لم تفعل ذلك في مباراة الطائي فأغفل الحكم و(الفار) ثلاث ضربات جزاء وألغوا هدفاً صحيحاً. يجب أن تستمر إدارة الهلال في طلب الحكام الأجانب بما فيهم حكم الفار. فما حدث أمام الطائي مجرد إنذار.
** بعد أن أفرغوا شحنات الغضب من هزيمة 1 ديسمبر وحملوا مسؤوليتها للحكم تارةً وللمشجع السنغالي تارة أخرى، بدأت الآن وقفة المصارحة مع النفس والاعتراف بضعف الفريق وهشاشته. وقول ما لا يمكن قوله بعد الهزيمة من الهلال.